تقارير « البيان»

لبنان.. من انقسام سياسي إلى انقسام قضائي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الانقسام السياسي الذي يعطل إنجاز الاستحقاقات الدستورية والعادية في لبنان، جاء الانقسام القضائي ليزيد الطين بلة.

حيث اصطف القضاء إلى جناحين تراسلا بالتحدي، بقرار المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بالادعاء على المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وتكليف الأمن العام تنفيذ قرار منعه من السفر، بفعل عودة المحقق البيطار إلى استئناف مهمته، بعد مضي نحو 13 شهراً من تعطيلها، مع ما رافقها من مخاوف تصاعدت إلى ذروتها من الأجواء المحمومة قضائياً.

عودة للوراء

ولم يكد يجف حبر الدراسة القانونية التي أعدها القاضي البيطار لاستئناف مهامه وتحقيقاته في جريمة 4 أغسطس 2020، حتى عادت القضية إلى الوراء ليشكل هذه المرة القاضي عويدات رأس الحربة القضائية في المعركة المفتوحة مع البيطار، بعدما أخذ على عاتقه إبطال مفاعيل القرارات التي أصدرها الأخير بحق المخلى سبيلهم أو المدعى الجدد عليهم في القضية.

وبهذا المعنى، اتسع الشرخ القضائي بين الطرفين إلى مستوى التحدي، في سابقة لم يشهدها القضاء من قبل.

وفي السياق، أشارت أوساط قضائية لـ«البيان» إلى أنها المرة الأولى التي ينفجر فيها الصراع القضائي في البلاد بهذا الشكل وإلى هذه الحدود، بين محقق عدلي ومدعي عام التمييز، مع ما يعنيه الأمر، وفق توقعاتها، من كون هذا الصراع القائم لن يقف عند حدود المزيد من تضييع التحقيقات.

وخصوصاً أن السياق الذي حصل، بأحداثه المتسارعة، هو بمثابة أبرز مؤشر، بدءاً من إطلاق سراح الموقوفين، مروراً بالادعاء على البيطار مقابل رفضه تسليم ملف مرفأ بيروت، ووصولاً إلى السعي لإقالته وتنحيته عن هذا الملف في اجتماع مجلس القضاء الأعلى، الذي كان مقرراً انعقاده أمس.

من جهتها، أجمعت مصادر سياسية معارضة على أن ما جرى أعمق وأبعد من كباش بين المحقق العدلي ومدعي عام التمييز، كما أبعد من معركة بين أهالي ضحايا تفجير 4 أغسطس من جهة وبين الموقوفين (سابقاً) وأهاليهم من جهة ثانية، لكون المعركة، وفق تأكيدها لـ«البيان»، هي باختصار:

من «حزب الله» تحديداً، الذي عرقل منذ البداية تحقيق المرفأ، فأطلق الاتهامات ودعاوى الرد على المحقق العدلي الأول فادي صوان، واستكمل الهجوم على المحقق العدلي الثاني، أي البيطار، مؤكداً أنه لن ينصاع لقضاء ولن يخضع لعدالة.

وفي محصلة المشهد، الذي بات يوصف بكونه «انفجاراً على مرفأ العدلية»، لا يزال الاشتباك القضائي مفتوحاً على كل الاحتمالات، ولسان حال الجميع يسأل: ماذا بعد التخبط القضائي الذي بلغ مرحلة الفوضى؟ وماذا بعد دعاوى الادعاء المتبادلة بين عويدات والبيطار؟ وماذا أيضاً بعد إخلاء سبيل الموقوفين في قضية المرفأ؟

 

Email