تقارير البيان

السودان.. ردم فجوة الثقة يؤسس لانتقال آمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم العملية السياسية الجارية في السودان من أجل تجاوز المأزق الذي تعيشه البلاد، إلا أن أزمة الثقة فيما بين الفرقاء تقف حاجزاً بين المكونات التي ارتضت الحوار حلاً للأزمة وما بين تلك التي لديها تحفظات على العملية بشكلها الحالي، ما يحتم على الأطراف، بحسب خبراء، قيادة خط سياسي يرمم جدار الثقة المتهالك، ويؤسس لأرضية مشتركة صالحة لبناء انتقال سياسي سلس.

ويؤكد رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، وجود أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين، وبين القوى المدنية المختلفة، وحتى بين قوى عسكرية وقوى مسلحة أخرى، ولكنه اعتبر أن ذلك يعد أمراً طبيعياً في ظل الصراع السياسي الحاد، وقال إنهم لا يستطيعون الانتظار حتى تأتي الثقة ليبدأوا العملية السياسية لاحقاً، مردفاً:

«فالعكس صحيح». وأضاف: «هذه المرحلة الثانية والأخيرة في العملية السياسية مهمة جداً طالما كان الهدف منها الوصول إلى تسوية سياسية ستقود حتماً إلى إنشاء حكومة مدنية وإلى مرحلة انتقالية جديدة، أو بالأحرى العودة إلى الانتقال السياسي نحو السلام الداخلي والانتخابات». وأشار إلى أن «الأمور تسير ببطء، ولكن تسير على المسار الصحيح، أنا متفائل أكثر بكثير مما كنت عليه منذ سنة تقريباً».

ويرى المحلل السياسي محمد خليفة لـ«البيان» أن الحالة السودانية استحكمت حلقاتها، وأصبحت بالغة التعقيد، والكل يأمل في الوصول لحل لها، ويشير إلى أن ما يجري بشأن التسوية السياسية والاتفاق الإطاري وما أعقبه من إجراءات، وجد ترحيباً مشوباً بالحذر.

ولكنه في الوقت ذاته قذف بالكرة في ملعب أطراف العملية السياسية، الذين يقع عليهم إحسان الترويج لها، ومعالجة ما بها من ملاحظات بالجلوس مع القوى السياسية كافة والمهتمين والخبراء وأصحاب المصلحة لتعزيز الثقة والوصول إلى اتفاق يعبر عن الجميع.

وأكد محمد خليفة أن الوقت ليس في صالح الجميع، وحذر من أن عدم حل الأزمة السودانية خلال وقت وجيز، ينذر بانفلات قد تكون نتيجته حرب أهلية أو صراعات بين الجيوش الموجودة في البلاد. وأضاف: «كل المعطيات تشير إلى ضرورة أن يتم اتفاق بأسرع ما يمكن، مع استيعاب كل المكونات السودانية حتى يشكل حلاً نهائياً للأزمة».

وقال إن تعزيز الثقة يتطلب حواراً مفتوحاً ولقاءات مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط أدوار أهل الرأي من الشخصيات الوطنية في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وتجاوز حالة الشك بين أطراف المشهد السياسي في البلاد.

بدوره، يؤكد المحلل السياسي أحمد خليل لـ«البيان» أن الحوار والتشاور والاستماع إلى الآخر هو الخيار الأمثل لتعزيز عامل الثقة بين الفرقاء، والوصول إلى نقاط مشتركة بينهم، ويشير إلى أن ما يحدث الآن من حراك يمثل اختراقاً لحاجز انعدام الثقة الذي حدث بعد قرارات رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021، مبيناً أنه ليس أمام السودانيين في ظل الوضع الراهن من سبيل غير الجلوس بمختلف مكوناتهم، وطرح كل أسئلة الأزمة، ومناقشتها بكل شفافية ووضوح، لردم فجوة الثقة فيما بينهم، والتأسيس لاستقرار سياسي ينقل البلاد إلى مربع جديد.

Email