تقارير « البيان»

8 مليارات نسمة على الأرض... تحديات جديدة وفرص

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين القلق من تزايد أعداد سكان العالم وسط ندرة الموارد والتغيرات المناخية التي فرضت نفسها على سكان هذا الكوكب، يتشكل تساؤل حول تخطي عدد السكان حاجز 8 مليارات نسمة وهل هنالك مخاوف جراء هذا التزايد.

ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأردن، انشراح أحمدعلقت على ذلك قائلة «إنّ العالم دوماً يبدي حالةً من الذعر اعتقاداً أنَّ ازدياد الأعداد سيؤدي إلى استنزاف مواردنا الطبيعية وسيغذي الأزمات الإنسانية وتغيُّر المناخ،و لقد أفضت هذه المخاوف في بعض الأحيان إلى وضع سياساتٍ ديمغرافية قسرية. ولم تثبت هذه السياسات عدم فعاليتها فحسب، بل أضعفت تمتُّع الشعوب بحقوق الإنسان (بما في ذلك صحتهم وحقوقهم الجنسية والإنجابية)، وهذا الأمر قد يشكل عامل خطر بالنسبة إلى النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم».

وأوضحت المسؤولة الأممية في تصريحات لـ«البيان» انه «ينبغي علينا أن نركّز على إتاحة الفرصة لكل شخص كي يحظى بنوعية حياة تسمح له الازدهار في عالمنا الحديث. وبُغْيَة تحسين نوعية حياة سكاننا البالغ عددهم 8 مليارات نسمة بكل ما أوتينا من تنوُّع، يجب أن نستثمر في رأس المال البشري والمادي وبناء مجتمعات شاملة».

فالعديد من البلدان التي تضمُّ أعداداً هائلة ومتزايدة من السكان تُصنَّف ضمن أقل البلدان نمواً. ومن شأن الاستثمار في رأس المال البشري والمادي – في مجالات الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، وكل مناحي حقوق الإنسان – أن يساعد هذه البلدان في زيادة إنتاجيتها، وبالتالي دعم الأعداد المتزايدة من سكانها.

9 مليارات

ومع التطلّع إلى رقم 9 مليارات، يُتوقّع أن يعيش 920 مليوناً منهم في البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى والبلدان المنخفضة الدخل، من بينهم أكثر من 400 مليون شخص من الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاماً وما فوق، و150 مليوناً ستتراوح أعمارهم بين 15 و29، وسينخفض عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 عاما وأقل من 0 - 14 عاما، حيث ستُساهم هذه الفئة من السكان بشكل سلبي في معدّل النمو.

وأضافت أحمد إن وتيرة النمو السكاني آخذة في التباطؤ ولكن عدد سكان العالم سيستمرُّ في النمو حتى عام 2100، وقد استغرق النمو من 7 إلى 8 مليارات نسمة حوالي 12 عاماً، ولكن من المتوقع أن يستغرق المليار التالي حوالي 14.5 عاماً (أي في عام 2037)، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى ذروته البالغة حوالي 10.4 مليارات نسمة خلال ثمانينات القرن الحادي والعشرين، وأن يظلَّ ثابتاً على هذا المستوى حتى عام 2100.

تراجع

وتشير احمد إلى ان «وتيرة النمو السكاني في العالم آخذة بالتراجع منذ السبعينات، علماً أنَّها انخفضت إلى أقل من 1 ٪ (سنوياً) لأوَّل مرة في عام 2020، وبسبب معدلات الخصوبة المرتفعة نسبيًا، من المتوقع أن يمثل النمو السكاني في أفريقيا جنوب الصحراء أكثر من نصف النمو العالمي من الآن وحتى عام 2050، وان عدد السكان يتناقص، لا سيَّما في جنوب أوروبا وشرق آسيا».

وعند السؤال حول انخفاض عدد السكان قالت الممثلة إنّ هذا الانخفاض«ليس ظاهرة مؤقتة، بل هو حقيقة جديدة بالنسبة إلى عددٍ متزايد من البلدان. وفي المستقبل، سيزداد عدد البلدان التي تواجه انخفاضاً فعلياً في عدد سكانها، ويضمُّ العالم اليوم 17 بلداً يقل عدد سكانها عمّا كان عليه في عام 1990، وتقع جميع هذه البلدان في أوروبا الشرقية. وبدأت أيضاً بعض البلدان الأخرى تشهد انخفاضاً في عدد سكانها، لا سيَّما في جنوب أوروبا وشرق آسيا،وعلى الصعيد العالمي، يُعزى انخفاض عدد السكان إلى تدنّي وتراجع مستويات الخصوبة، وفي البلدان الأوروبية الأكثر تضرُّراً، يُعزى الانخفاض أيضاً إلى ارتفاع صافي الهجرة من تلك البلدان». وبالنسبة للنمو السكاني في البلدان النامية حدث الجزء الأكبر للنمو السكاني في الانتقال من المليار السابع إلى المليار الثامن داخل البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى والبلدان ذات الدخل المنخفض، بزيادةٍ قدرها حوالي 250 مليوناً فقط في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى والبلدان ذات الدخل المرتفع.

وحول من سيشارك في المليار الثامن، فإن نصف السكان الذين انضمّوا إلى «المليار الثامن» هم من آسيا، أمّا أفريقيا فهي ثاني أكبر مشارك في المليار الثامن (حوالي 400 مليون)، ومن المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى مليارَي نسمة بحلول عام 2038.

10 بلدان

حيث تركَّز أكثر من نصف النمو السكاني الذي شكَّل المليار الثامن في 10 بلدانٍ فقط. شكَّلت الهند أكبر مساهم إلى حدٍّ بعيد (177 مليوناً)، تليها الصين (73 مليوناً) ونيجيريا (60 مليوناً)، ويؤدي التباطؤ العام للنمو السكاني إلى زيادة نسبة الأشخاص الذين هم في سن العمل، ما قد يساهم في النمو الاقتصادي.

وأكدت أحمد في أن وصول سكان العالم إلى هذا العدد يشكل نسمة قصة نجاح عالمية. وقد ساهمت أوجه التقدُّم المُحرَز في مجال الرعاية الصحية والحد من الفقر في العالم إلى انخفاض معدلات وفيات الأمهات والأطفال وإلى إطالة الأعمار، وتُوِّج ذلك في نهاية المطاف في عالمٍ يتزايد فيه عدد السكان أكثر من أي وقت مضى، غير أنَّ الحقيقة هي أنَّ التقدُّم المُحرَز الذي ساهم في زيادة عدد السكان إلى 8 مليارات نسمة لم يأتِ بنفس القدر من المساواة.

Email