أزمة لبنان تراوح مكانها مع انتخابات «الورقة البيضاء»

أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت قبّة البرلمان اللبناني، أمس، انعقاد الجولة الانتخابية الثانية بعد الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، والسادسة على مضمار السباق الرئاسي، والتي لم تخرج عن سياق المشهد المكرّر المستعاد، لجهة إبقاء البلاد معلّقة على فراغ رئاسي وضياع سياسي.

وعلى رتابة مجرياتها ونتائجها المعلّبة سلفاً في صندوق الاقتراع، سجل عداد الجلسات الانتخابية، الذي انطلق في 29 سبتمبر الماضي، وأسس لبدء سباق المهل الدستورية مع الشغور، قبل بلوغ خط نهاية عهد الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون في 31 أكتوبر الماضي، 4 جلسات منذ انطلاق المهلة الدستورية وحتى نهايتها، وجلستين بعد شغور سدّة الرئاسة الأولى، ومنهما جلسة أمس التي جاءت مشهديتها تكراراً واجتراراً لأحداث سابقاتها، لجهة الانسداد التام في شرايين هذا الاستحقاق، و«التمديد» المتكرّر لولاية الشغور الرئاسي في صناديق الاقتراع، بالتضامن والتكامل بين الأوراق البيضاء وحرق الأصوات.

ومن دون أي تبديل في خارطة المواقف النيابية، بين جبهة التصويت للنائب ميشال معوض، وجبهة «الأوراق البيض» و«حرق الأصوات»، جاءت نتيجة جولة أمس الرئاسية، تكراراً لمشهدية عرقلة الانتخاب في الدورة الأولى وإفشال النصاب في الدورة الثانية، إنفاذاً لأجندة بعض «قوى 8 آذار» الهادفة إلى تعطيل إنجاز الاستحقاق حتى إشعار آخر، في حين حدد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الخميس المقبل موعداً لانعقاد الجولة السابعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ذلك أن الكتل النيابية توزعت وفق النمط نفسه الذي اتخذته الجلسات الـ5 السابقة، وجاءت نتيجة الاقتراع في الدورة الأولى من عملية الانتخاب، قبل إفشال النصاب، وفق ما يلي: ميشال معوض (43 صوتاً)، ورقة بيضاء (46)، مرشح التغييريين عصام خليفة (7 أصوات)، سليمان فرنجية (صوت واحد) وأوراق ملغاة (11).

«الكتلة البيضاء»

ولم يتبدل أبداً واقع ما بات يُعرف بـ«الكتلة البيضاء»، التي تجسد، وفق قول مصادر نيابية معارضة لـ«البيان»، امتناع بعض «قوى 8 آذار» عن خوض الاستحقاق بمنطق المبارزة الديمقراطية، أو السماح للأصول التي يمليها انتخاب رئيس الجمهورية بأن تمضي إلى نهاياتها، إذ تكرر بعد إسقاط عشرات الأوراق البيضاء العائدة لنواب هذه الكتل واقع انسحاب ما يكفي من نوابهم لإفقاد الدورات اللاحقة للدورة الأولى نصاب الثلثين المعتمد في العملية الانتخابية.

«من خميس إلى خميس، لا رئيس».. وعلى هذا المنوال، سيدخل مجلس النواب في رحلة طويلة من الجلسات الفاشلة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا أحد يعرف إن كان مداها الزمني يُقاس بالأسابيع أو بالأشهر، أو ربما أبعد من ذلك.

وعلى مدى هذه الرحلة الطويلة، ستبقى السيمفونية ذاتها قابضة على خناق البلاد، ومرهقة لآذان اللبنانيين بما ملوا سماعه من كلام مستهلك، لم تعد له وظيفة سوى نشر الغسيل قبل وخلال وبعد كلّ جلسة انتخابية، بحيث باتت أشبه بمسلسل يُعرض أسبوعياً على مسرح البرلمان. أما أبطال هذا المسلسل، فشخصيات سياسية مشتتة، وأضعف من أن توجّه الدفّة الرئاسية إلى برّ الانتخاب. ولا تزال الانطباعات الغالبة على المشهد السياسي متجهة نحو مزيد من السلبية حيال أزمة ملء الشغور الرئاسي، في ظل المراوحة والجمود اللذين يسيطران على مناخات الأزمة.

Email