بيت دقو الفلسطينية.. قطوفها دانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إلى الجنوب الغربي من مدينة رام الله، وعلى حواف مدينة القدس، تنبض قرية بيت دقو برغبتها في الحياة، التي تجسدها كروم العنب المنتشرة على قمم القرية، وحتى في منازلها، إذ لا يوجد بيت في بيت دقو لا تُزينه دالية عنب، في تأكيد واضح على تمسك أهلها بالأرض.

ويمتهن غالبية أهالي قرية بيت دقو زراعة العنب في أراضيهم، منذ مئات السنين، حتى بات يشكّل مصدر هويتهم، وحتى أمد قريب، كانت بيت دقو تصدّر جزءاً كبيراً من محصول العنب إلى بعض الدول العربية، لا سيما في منطقة الخليج العربي، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكنهم في السنوات الأخيرة، اكتفوا بالتسويق المحلي، من خلال مهرجان العنب السنوي.

ويحاول أهالي بيت دقو، تسليط الضوء على عنبهم لذيذ الطعم، كما يروّجون له، من خلال المهرجان، الذي عادة ما يدبّ الحياة في القرية ومحيطها، من خلال الإقبال على التسوق، والاستمتاع بالأجواء، التي لا تخلو من حديث الذكريات عن «أيام العنب»، والتي لا ينفك السبعيني محمود مرار عن سرد القصص حولها، وكيل المديح لعنب بيت دقو، الذي أكثر ما يميزه بأنه «بلدي»، ولا يعتمد على الري، وفق قوله.

ورغم تقدمه في السن، يقضي الحاج مرار معظم وقته في كروم العنب خاصته، ويجد في المهرجان فرصته المثالية، لعرض العنب وقطوفه الدانية، بعد أن يتفنن في طريقة تسويقها، بوضعها في سلال من القش، تسكب عليها جمالاً وضّاءً.

يشرح مرار لـ «البيان»: «بيت دقو قرية زراعية، وغالبية أهلها يعملون في زراعة الأرض، ويعتاشون من خيراتها، وتشتهر القرية بالعنب كمحصول أول، حيث تنتج نحو 450 طناً سنوياً، وتتنوع ثمار عنبها ما بين: الدابوقي، الحلواني، البيتوني، البيروتي، الحمداني، الزينة، المراوي، والمنثوري».

وحسب متسوقين في المهرجان، فإن عنب بيت دقو عالي الجودة ولذيذ الطعم، وسعره معقول، فيكفي أن يكون في جيبك 15 شيكلاً فقط، كي تحصل على صندوق عنب بوزن ستة كيلو غرامات، والأهم من ذلك أن هذا المهرجان، هو تقليد سنوي لأهالي القرية، للحفاظ على الهوية، والتمسك بالموروث الثقافي، الذي ورثوه عن الآباء والأجداد.

من بين قطوف العنب، أطلت الشابة منى كنعان، وكانت تتذوق صنفاً من العنب الأحمر، موضحة أن أكثر ما راق لها من المهرجان، شموليته على أصناف ومشتقات العنب، وأسوة بزميلتها، كانت أماني حمدان تتنقل بين القطوف العملاقة، مؤكدة أن أكثر ما يثير اهتمامها، هو ورق العنب «الدوالي»، باعتباره أكلتها المفضلة.

وعلاوة على بيع العنب، يلجأ أهالي بيت دقو للتحايل على الموسم، من خلال إنتاج مشتقات العنب، ومنها: الزبيب، الدبس، المربى، الخل، الملبن، علاوة على بيع ورق العنب، وفي ذلك محاولة للتقليل من الخسائر، كما يوضّح عضو مجلس العنب الفلسطيني وابن القرية، نصار يقين.

في مهرجان العنب، يلتقي مزارعو بيت دقو في كل عام، يعرضون بضاعتهم، ونتاج تعبهم من هذه الفاكهة التراثية، ويتناقشون في ما بينهم سبل النهوض بهذا المنتج، فيتحول المهرجان إلى أشبه بـ «مؤتمر العنب»، فيخرجون بالتوصيات للحفاظ عليه وحمايته، وابتكار طرق جديدة لتسويقيه، مع التأكيد على صون هذا الموروث، كي يظل راسخاً ومعمّراً.

Email