النمو السكاني يفاقم أزمات غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتزايد أعداد سكان غزة كل يوم حتى وصل عدد سكانها إلى مليونين و200 ألف نسمة تقريباً، في مساحة أرض لا تزيد على 365 كيلومتراً مربعاً، تتناقص أراضيها الزراعية يوماً بعد يوم، بسبب الكثافة السكانية والزحف العمراني، وتمدد العائلات والنمو السكاني. 

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، قدر عدد سكان قطاع غزة منتصف عام 2022 حوالي 2.17 مليون نسمة، منهم 1.1. مليون ذكر و1.07 مليون أنثى، يعيشون في المنطقة الجنوبية من السهل الساحلي الفلسطيني على البحر المتوسط، على شكل شريط ضيق. 

وفي آخر إحصائية لعدد المواليد في القطاع، أظهرت الإحصائيات تسجيل خلال أغسطس الماضي 5 آلاف و145 مولوداً جديداً، بالإضافة إلى 388 حالة وفاة. 

هذه الزيادة المتواصلة في أعداد السكان على مدار السنوات الأخيرة، أظهرت أزمة في السكن بسبب التمدد العمراني غير مسبوق، وباتت أزمة حقيقة خلال السنوات المقبلة بسبب الزيادة السكانية، وصغر مساحة القطاع، فالحاجة مستمرة والمتوفر ثابت لا يتغير من مساحة لعدد الأراضي المتاحة للسكن، مع عجز في الوحدات السكنية بما يقارب 100 ألف وحدة سكنية. 

حتى المساحات الخضراء بدأت تتقلص بسبب الزحف العمراني، وهو ما يهدد الأمن الغذائي في غزة، والذي يعتمد على ما تنتجه هذه المساحات. 

فأغلب المساحات الزراعية تتواجد شرق شارع صلاح الدين الواصل من جنوب قطاع غزة إلى شماله، وأغلبها قريبة من السياج الفاصل شرقي القطاع، وبدأت هذه المساحات بالتقلص بسبب البناء العمراني عليها. 

أستاذ التاريخ د. رياض الأسطل، يعتقد أن غزة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، ومن أكثر المناطق عشوائية في توزيع السكان، كوجود سكان في مناطق مرتفعة، وآخرين في مناطق منخفضة.

وهذا يشكل خلل في نمط الأسرة. وقال إن المشكلة في تزايد الكثافة السكانية، كما أن الأراضي غير قادرة على استيعاب كل هذه الكثافة في ظل عشوائية الأعمار، وعشوائية توزيع الأراضي من الجهات المختصة في غزة، كما أن المناطق المحررة من الاحتلال التي كان ينبغي أن تكون سلة غذائية للقطاع، أصبح عدد كبير منها مستغلاً في الإعمار. 

وبين أن مشكلة القطاع تكمن في أن الإعمار داخل المنطقة الغربية الساحلية، وهي منطقة زراعية، والأفضل هنا أن يكون الإعمار في المنطقة الشرقية للقطاع، لأن المياه فيها قليلة العذوبة، والمنطقة غير صالحة للزراعة، كما أن المنطقة الشرقية مهملة تماماً، ويعيش أغلب سكان المنطقة الشرقية على الإنتاج الزراعي الموسمي المحدود، وقدرته على تغطية حاجة القطاع من الزراعة محدود بسبب عدم توفر المياه العذبة. 

وأضاف خلال حديثه لـ«البيان»: «نعاني من توزيع عشوائي للسكان، وتزايد عدد سكان المعسكرات، وانتقالهم لمناطق سكانية جديدة، وحل مشاكلهم على نحو منفرد بشراء الأراضي، وإقامة البناء عليها بطريقة عشوائية، بدون إشراف جهات الاختصاص». وأكد أن قطاع غزة يعيش مشكلة متفاقمة من حيث الكثافة السكانية، وتوزيع المباني، والبناء العشوائي، فليس لدينا نظام إعمار محدد، وأضاف:

«بكل تأكيد إذا استمر نمط الإعمار العشوائي، والممارسات الفردية، لن نجد مخرج لسكان قطاع غزة إلا بأعمار البحر، بدفن مساحات من البحر والتوسع في القطاع من الناحية الغربية باتجاه البحر، وربما أكثر لنستطيع استيعاب الكثافة السكانية القادمة، فقطاع غزة عبارة عن أرحام طاردة، ونشاهد أبنائنا يهاجرون إلى أوروبا، لعدم وجود فرص عمل أو بيوت يسكنون فيها، أو أمل يؤسسوا حياة مستقرة فيها».

Email