الغلاء يعيد السوريين في الأردن إلى المخيمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في بداية الأزمة السورية توجهت معظم العائلات اللاجئة في الأردن إلى المخيمات لتعيش بها وتستقر، ولكن بعد سنوات من تجربة الحياة في تلك المخيمات قرر عدد كبير من الأسر الخروج منها والتوجه إلى المحافظات، وخاصة العاصمة عمّان، فالنمط المعيشي في المخيم صعب ولا يتواءم مع الجميع، وخيار تركه قد يفتح أبواب رزق غير متاحة به، وبالفعل اندمج السوريون في سوق العمل الأردني لا سيما أنهم يملكون الحرف والمهن التي يحتاجها السوق. 

وبعد قدوم الجائحة وتغير الموازين الاقتصادية، رغم أن الأردن يعيش حالياً مرحلة تعافٍ اقتصادي من الجائحة إلا أن الآثار ما زالت ماكثة ولا يمكن إنكارها، فإن شعور العودة إلى المخيمات أصبح يسود بين العائلات وهذه المشاعر نتجت بشكل أساسي من العوامل الاقتصادية. 

تبين أم زيد الحريري، وهي من سكان محافظة إربد شمال العاصمة عمّان، في أنّ غلاء المعيشة الذي يحاصر أسرتها، وعدم قدرتها على الإنفاق على الأسرة كما يجب، جعل فكرة العودة إلى مخيم الزعتري تعود لهم من جديد، وبالرغم من أن زوج أم زيد يعمل في أحد الفنادق ولكن راتبه انخفض من 300 دينار إلى 280، وإيجار المنزل لوحده يتطلب توفير مبلغ 180 دينار، وبالتالي فإن المبلغ المتبقي قليل جداً مع حجم الالتزامات المطلوبة. 

تقول أم زيد الحريري: «نعرف العديد من العائلات حملت نفسها وأطفالها وعادت إلى المخيم، واستطاعت توفير مبلغ شراء كرفانة من جديد، فشراء الكرفانة يعد أمراً مكلفاً، وهو يحتاج إلى مبلغ يصل إلى 700 دينار، وليس أقل من ذلك، وإذا كانت الأسرة كبيرة فهي تحتاج أن تضاعف هذا الرقم، وبالتالي فإن العودة أيضاً مكلفة وتحتاج للتخطيط». 

ترى أم زيد الحريري وهي أم لثلاثة أطفال، في أن السبب الأساسي الذي دفعها هي وزوجها لترك كرفانتهم في المخيم هو الأمل في العيش بطريقة أفضل، وبمكان أكثر مناسبة، فمخيم الزعتري موجود وسط الصحراء، وفي الشتاء تكون درجات الحرارة منخفضة جداً والأمطار والثلوج تغمر الكرفانات، وفي الصيف فلديهم لهيب الشمس والحرارة التي تفوق الأربعين والغبار الذي يجتاح النوافذ والأبواب، فضلاً على أن فرص العمل محدودة جداً وضيقة النطاق، وفي الآونة الأخيرة هنالك انسحاب لأغلب المنظمات وإغلاق معظم البرامج نتيجة قلة الدعم الدولي وبالتالي انخفاض الفرص أمام اللاجئين. 

حال أم زيد الحريري هو حال العديد من الأسر السورية التي أصبحت فكرة العودة إلى المخيم واردة لديها، فالعيش في المخيم لا يمكن وصفه بالمريح ولكن تتمكن الأسر بالتكيف معه، فهنالك من إيجاد سكن بدون مقابل، وتتوفر المياه والكهرباء مجاناً، تعلق أم زيد الحريري بالقول «هنالك العديد من الأسر التي باتت تفكر ببقاء الأب في أحد المحافظات من أجل عمله، وأن تعود الأم والأطفال للمخيم للتقليل من حجم المصاريف إلى أن نجد الحل المناسب، سواء عبر الهجرة إلى أوروبا وخيار العودة إلى سوريا لايزال قيد النقاش لاسيما أن الأوضاع الاقتصادية هنالك غير مشجعة أيضاً».

Email