لبنان.. ملف ترسيم الحدود يدخل مرحلة الحسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظلّ الفراغ السياسي الذي يشهده لبنان حالياً، تسرّبت معلومات حول احتمال أن يقوم الوسيط الأمريكي في ملفّ ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل آموس هوكشتاين بزيارة بيروت مجدّداً، مطلع أغسطس المقبل على الأرجح، حاملاً في جعبته ردوداً إسرائيليّة في شأن هذه القضية التي تتناسل فصولها، بينما كانت الخارجية الأمريكيّة أعلنت أن لا موعد محدّداً لزيارته.

وفي خضمّ بروز المواقف الإيجابيّة، داخليّاً وخارجيّاً، من ترسيم الحدود البحريّة بين الجانبيْن، وفي انتظار عودة هوكشتاين الى بيروت، حاملاً الردّ الإسرائيلي على المقترح اللبناني بشأن الترسيم، والذي كان حمله في أعقاب وصول باخرة التنقيب إلى حقل «كاريش»، يبدو لبنان أمام خياريْن، وفق شبه الإجماع الداخلي: إمّا أن يسارع إلى إنجاز ترسيم حدوده البحريّة، أو تتسارع مسيرته نحو العزلة والانهيار الشامليْن. وبين مضامين هذيْن الخياريْن، إشارة إلى أنّ «حزب الله» يتهم إسرائيل والولايات المتحدة بالمماطلة وكسْب الوقت، ويقول إنّه لن يسمح لهما بذلك. في المقابل، لا تزال المواقف الأمريكيّة إيجابيّة، وتشير إلى اقتراب التوصّل إلى اتفاق، وهذا ما جاء على لسان السفيرة الأمريكية في بيروت دورثي شيّا، وما تبلّغه مسؤولون تواصلوا في الفترة الأخيرة مع هوكشتاين.

أمّا على الجانب الآخر، فكلامٌ عن أنّ لبنان بات أمام فترة زمنيّة حاسمة، فإمّا تتوفّر ظروف إقليميّة ودوليّة تنقذ الواقع التفاوضي القائم، وتكون فاتحة مرحلة جديدة من التسويات السياسيّة، وإمّا استمرار التعقيد الذي يؤدّي إلى تصعيد، مع ما يعنيه الأمر من تطوّرات تؤدّي إلى إشعال الجبهات، في حال عدم الوصول إلى اتفاق في شأن الترسيم، وفقدان آليات استمرار التفاوض. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّه، ومنذ أطلق «حزب الله» في 2 يوليو الجاري مسيّراته الثلاث باتجاه حقل «كاريش»، لا تزال علامات استفهام كثيرة تُطرح في الأجواء، حول مدى تأثيرها على مسار المفاوضات التي يقودها هوكشتاين. 

وبمعزل عن الأسئلة المتعلّقة بهذا الشأن، أشارت مصادر لـ«البيان» إلى أنّ موضوع الترسيم يشكّل حاجة أمريكيّة ملحّة لإيجاد بديل عن الغاز الروسي، والى أنّ عودة هوكشتاين إلى بيروت مجدّداً تعني دخول مفاوضات الترسيم مرحلة بالغة الدقّة، فإمّا ستكون أمام انفراجات قريبة، أو يصبح الترسيم في «خبر كان»، ربطاً بالاستحقاقات المحليّة والأوضاع الإقليميّة. وبهذا المعنى، اعتبرت المصادر أنّ مفاوضات الترسيم، وفي ضوء عودة هوكشتاين إلى بيروت، اقتربت من الحسْم، فيما فشلها يمكن أن يدخل لبنان في حرب جديدة بمواجهة إسرائيل التي تجاوزت مرحلة التنقيب إلى توقيع اتفاقيات لبيع الغاز إلى أوروبا، معربةً عن خشيتها من أن تتعقّد المفاوضات التي يقودها هوشتاين، وهو ما سيظهر إنْ جاء إلى بيروت بسلّة جديدة من الشروط الإسرائيلية من مصير حقّ لبنان بـ«حقل قانا» وإعادة النظر بالخطّ المتعرّج في البلوكيْن 8 و9، والتي لا بدّ أن تدفع لبنان إلى مواقف متصلّبة، كان قد تجنّبها سابقاً عندما تجاهل الخطّ «29» وقبِل بتعديلات انحصرت بما قبِل به وصولاً إلى الخطّ «23».

Email