الحكم على متورطيْن في اغتيال الحريري يضيق الخناق على «حزب الله»

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة القرار الصادر عن غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في حق «حزب الله»، وتحديداً في حق كل من حسن مرعي وحسين عنيسي، والذي قضى، «بالإجماع»، بفرض عقوبة «السجن المؤبد 5 مرات» عليهما، لإدانتهما في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، مرفقاً بالدعوة التي وجّهها المدّعي العام للمحكمة نورمان فاريل إلى «مَن يحمون المتهمين» لـتسليمهما للمحكمة، والى المجتمع الدولي لـ«اتخاذ أي خطوات متاحة للمساعدة في اعتقالهما»، انشغل الداخل اللبناني بقراءة مضامين هذا القرار الجديد الذي، وبحسب تأكيد مصادر سياسية متابعة لـ«البيان»، تمكن من هز الساحة المحلية، لكونه ذكر بأن أحد المكونات اللبنانية شارك في تصفية أحد أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ لبنان الحديث.

وخرق هذا التطور القضائي البارز مجمل المشهد السياسي، ولو أن مضمونه لم يكن مفاجئاً، فيما استتبع بموقف لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، الذي اعتبر في تعليقه على الحكم الجديد أن «العقوبة هي الأشد المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد المعتمدة في المحكمة، لكنها الأوضح لجهة إدانة حزب الله، كجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها، والجهة التي لا يمكن أن تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم.. فالتاريخ لن يرحم».

ومن بوابة الحكم، الذي لم يشكل مفاجأة، بل أكد المؤكد من جديد ودان «حزب الله»، ضجت القراءات السياسية المتعددة بالأسئلة، ومفادها: مَن يصدق أن مسؤولين في «حزب الله»، اتخذا قراراً فردياً شخصياً بالإعداد للجريمة وتنفيذها؟ وبالتالي، فإن الحزب المدان، ولو بصورة غير مباشرة، لا يمكنه أن يتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهما. لكن، هل يرضى هذا الحزب أن يسلم بحكم القانون وأن يرضخ للعدالة؟

وفي الانتظار، ارتفع منسوب الكلام عن أن الدولة اللبنانية باتت أمام امتحان جديد، وكذلك القضاء اللبناني، فيما ثمة إجماع قانوني وسياسي عن أن «حزب الله» أصبح مداناً، عملياً، بحكم تبنيه وحمايته للمدانين الثلاثة في الجريمة، فيما «قرينة براءته» الوحيدة تكمن في إقدامه على خطوة التبرؤ من عناصره المتهمين والمدانين بموجب أدلة لا يرقى إليها شك، ومسارعته إلى تسليمهم للعدالة. أما استمراره في تأمين الحصانة الحزبيّة والسياسية لهؤلاء، وفق القراءات المتعددة، فسيزجه معهم في قفص الاتهام والإدانة، أقله بجرم التستر على مجرمين.

وفي القراءات أيضاً، فإن الحكم المبرم وضع «حزب الله» مجدداً في دائرة الاستهداف، المحلي والخارجي، وفي قفص الاتهام المثبت بالأدلة والوقائع والبراهين التقنية واللوجستية، مع ما يعنيه الأمر من أن تأكيد ضلوعه في عملية الاغتيال، في جميع المراحل التحضيرية والتنفيذية والتمويهية، يعطي للعدالة من أجل لبنان عمقاً جديداً، يتطلب من السلطة الرسمية تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية في حق المجرمين.

Email