فلسطين.. 15 عاماً على الانقسام والاستعصاء السياسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيظل الـ17 من يونيو عام 2007، محفوراً بذكرى أليمة في الذاكرة الجمعية للفلسطينيين، لأن فلسطين اتشحت بالسواد في ذلك اليوم، على وقع انقسام مشؤوم، ألحق أفدح الأضرار بالقضية الفلسطينية، واكتوى بناره كل أبناء الشعب الفلسطيني. 

وبعد مرور 15 عاماً على الانقسام الأسود، لا زال الفلسطينيون عاجزين عن استعادة اللحمة فيما بينهم، إذ فشلت كل المحاولات، سواء كانت محلية أو خارجية، في إيجاد حل لهذا الخنجر المغروس في الخاصرة الفلسطينية، بل إن الانقسام بعد كل هذه السنوات العجاف، آخذ في التحول إلى انفصال سياسي وتجزئة جغرافية، بفعل تغليب المصالح الحزبية والفئوية للمنقسمين، على المصلحة الوطنية العليا.

في الأيام الأخيرة، شهدت جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، أحداثاً مخجلة ومؤلمة، ومن المؤكد أن خلفياتها لا تخرج عن الخلافات السياسية، ما يُنذر باستمرار الانقسام، الذي بدأ يتسلل إلى شتى مجالات الحياة الفلسطينية، وإثر ذلك شنت أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية حملة اعتقالات في صفوف الطلبة المحسوبين على حركة حماس، ولم تنتظر أجهزة أمن غزة كثيراً حتى ردت باعتقالات مشابهة.

ومن الواضح أن ما يزرعه الاعتقال السياسي بين طرفي الانقسام الفلسطيني (فتح وحماس) من عنف وحقد وكراهية، لن يبقى مقتصراً عليهما، بل بموجبه سيدفع المجتمع الفلسطيني بأكمله، فاتورة مثقلة بعوامل الفرقة والتشرذم.

تصفية الحسابات 

ووفقاً لمواكبين لملف الانقسام، الذي أضر بالمجتمع الفلسطيني كثيراً، فإن الطرفين، يستغلان أي فرصة كي يشوّه كل منهما الآخر، وغالبية الاعتقالات السياسية تكون من باب «تصفية الحسابات» في ظاهرة لم تعد أمراً طارئاً، بل باتت تهدد النسيج الاجتماعي الفلسطيني برمته.

وكانت قضية الاعتقال السياسي، بدأت منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة والمعروفة لديها بـ«الحسم العسكري» في يونيو من العام 2007، وحتى الآن لا تملك أي جهة حقوقية أو قانونية، رقماً دقيقاً عن عدد المعتقلين السياسيين لدى الجانبين، بسبب رفضهما إعطاء أرقام أو إحصائيات دقيقة، إضافة إلى التغيير المستمر لعدد المعتقلين، الذي يكاد يكون أسبوعياً.

ووفقاً لمسؤول فلسطيني رفض الكشف عن هويته، فهناك اعتقالات مستمرة في الضفة الغربية، نسبت إليها ملفات سياسية، وفي المقابل هناك إنكار لوجود معتقلين سياسيين في غزة، مبيناً أن الاتهامات المتبادلة بين طرفي الانقسام بهذا الشأن أفضت إلى تداعيات أضعفت القضية الفلسطينية، فوق ضعفها الموجود أصلاً.

ويرى مراقبون وحقوقيون، أنه فقط عندما تكون الأجهزة الأمنية الفلسطينية موحدة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتمارس السلطة التشريعية دورها، وتلتزم السلطة التنفيذية بالقانون، يمكن وقف مسلسل الاعتقالات السياسية، وفي المقابل فإن استمراره يضاعف من فرقة الفلسطينيين، ويبعدهم أكثر عن المصالحة، واستعادة وحدتهم الوطنية.

وحسب الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، فإن الاعتقال السياسي يرتقي لمستوى الجريمة الوطنية، ووصمة العار التي تشعر الفلسطينيين بأنهم تحت السيطرة الأمنية البوليسية، مبيناً أن الاعتقالات السياسية تضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتخلق مزيداً من الفوضى، وتزيد الهوة بين الشعب والسلطة.

ووفقاً للمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، فإن الانقسام أثّر على شكل النظام السياسي الفلسطيني، فأوجد سلطتين في كل من رام الله وغزة، كما مسّ المنظومة الفلسطينية، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو قضائية، وباستمراره سيظل المشهد الفلسطيني يعيش حالة من الاستعصاء السياسي.

Email