الرمال المتحركة.. سياسة تحكم المشهد التونسي قبل الاستفتاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسير تونس على رمال متحركة قبل 23 يوماً على موعد الاستفتاء الشعبي حول تعديل الدستور، حيث لا يكاد المشهد السياسي التونسي يستقر على حال حتى يعود إلى الغليان من جديد في ظل انقسام حزبي حول جدوى الاستفتاء، حيث يرى البعض أنه انقلاب على الديمقراطية، فيما يعتبر البعض الآخر أن هذه القرارات ملاذ شرعي، ومشروع للصالح العام. 

 الرئيس التونسي قيس سعيد يواجه نفس المشاكل التي واجهها سلفه الباجي قائد السبسي، الذي أراد أيضاً تعديل الدستور لمنح المزيد من الصلاحيات لمؤسسة رئاسة الجمهورية، لكنه تراجع بعد الضغوطات، واعتمد حكومة مصغرة موازية تحت سيطرته، لكن الرئيس التونسي مصر على المضي في سياسته ومواجهة الضغوطات، حيث قال منذ إعلانه القرارات الاستثنائية في يوليو الماضي أن «لا رجوع إلى الوراء»، أمام تونسيين يريدون طيّ صفحة «مخيبة للأمل»، فبعد قرار تجميد أعمال البرلمان، فإن تعليق العمل بدستور العام 2014 أصبح ضرورياً لتأسيس جمهورية ثالثة.

 يدافع سعيّد عن قراراته، قائلاً بأنه يتخذ إجراءات لصالح البلاد في مواجهة التعطيل السياسي والاقتصادي على اعتبار أن الدستور الحالي هو سبب الأزمة الحالية في تونس، حيث يعتبر موّلداً للأزمات عوض أن يكون موّلداً للحلول. ويدعم الكثير من التونسيين تدابيره بشأن مؤسسات يرون أنها لم تفعل شيئاً، لكن في المقابل ارتفع عند التونسيين منسوب العزوف عن الاهتمام بالشأن العام، ما ساهم في خلق مناخ من عدم الثقة في ظل العجز عن إيجاد حلول للمشكل الاجتماعية، لا سيما ارتفاع الأسعار، كما سيكون من باب التضليل القول بتوفر حلول سهلة كفيلة بمعالجتها في زمن وجيز.

 التفاوض

 الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أحد اللاعبين السياسيين الرئيسيين في البلاد، دخل في صراع علني مع قيس سعيد، وأعلن عن تنفيذ إضراب عام في القطاع العمومي يوم 16 يونيو الجاري بسبب ما قالت النقابة إنه «تعمد الحكومة (التونسية) ضرب مبدأ التفاوض والتنصل من تطبيق الاتفاقيات المبرمة وعدم استعدادها لإصلاح المؤسسات العمومية»، فيما تحاول مبادرة الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية واليسارية أن تشكّل القطب الثالث المعارض، الذي قد يلتقي مع المعارضة الاجتماعية التي يمثّلها الاتحاد العام التونسي للشغل. 

 سيناريوهات

 سيناريوهات عدة باتت تلوح في الأفق في تونس في ظل تعقد المشهد لدرجة كبيرة، بعضها يتمثل في نجاح الاستفتاء رغم ارتفاع نسبة المعارضة، وبعضها يتعلق بمسارات أخرى إذا ما حدثت فوضى عارمة قبل الاستفتاء قد تؤثر على مساره، بالرغم من أن الرئيس وضع أجندة لبرنامجه السياسي بدءاً باستشارة وطنية إلكترونية وحوار وطني، وصولاً إلى الاستفتاء على النظام السياسي والانتخابي والدستور المقرر إجراؤه في الخامس والعشرين من يوليو، لكن الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (اجتماعية)، وحزبا العمال والقطب (يسار) بدأت حملة وطنية لإسقاط الاستفتاء على الدستور انطلاقاً من رفض المشاركة فيه، وصولاً إلى الدعوة لمقاطعته.

Email