تقارير « البيان»

لبنان أمام المواجهة: ماذا بعد تسييل الغاز بالمواقف؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

قفز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة، مثيراً الكثير من التوقعات والاحتمالات حول نشوب مواجهة، في ضوء دخول السفينة اليونانية «إنيرجين باور» المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية، وهي التي تضم وحدة إنتاج الغاز الطبيعي وتخزينه، ما استدعى استنفاراً لبنانياً لمواجهة هذا الخرق، خصوصاً أن السفينة ستنقب عن النفط والغاز لمصلحة إسرائيل، ولن تحتاج أكثر من 3 أشهر لبدء الإنتاج.

وفي وقت كان المسؤولون اللبنانيون يترقبون عودة الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت، لاستئناف عملية ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل من حيث توقفت، وفي وقت يتمسك لبنان بحقه في ثرواته ومياهه بدءاً من «الخط 29»، وإنْ كان البعض يعتبره خط تفاوض، وبعد 417 يوماً على عدم توقيع رئيس الجمهورية، ميشال عون، تعديل المرسوم «6433»، وعلى موعدها، شقت السفينة اليونانية «إنيرجين باور» طريقها البحري إلى «كاريش»، وباشرت تثبيت القواطع والوصلات في أول خط إنتاج الثروة النفطية لمصلحة إسرائيل. وذلك، بعدما عبرت «الخط 29» واقتربت من «الخط 23»، من دون أن تواجَه بأي تدبير لبناني.

وأجمعت مصادر سياسية متعددة على الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية، لم يجب حتى الآن على العرض الذي قدمه هوكشتاين في فبراير الماضي، وعلى أن السفن الإسرائيلية هامت في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، بعدما وجدت أن مواقف المسؤولين اللبنانيين «عائمة»، بل غرقت في اتصالات من نوع «تبني فيه على الشيء مقتضاه». وارتفع منسوب الكلام عن أن ما حصل مفاده سرقة النفط والغاز من حقل تخلت عنه الدولة، فيما مقتضاه الأكثر وضوحاً تصل عقوبته إلى حد «الخيانة العظمى» لكل مسؤول سيل النفط بالمواقف.

ذلك أن إسرائيل، ووفق القراءات المتعددة، تخطت مرحلة التنقيب ودخلت عصر الإنتاج وتوغلت إلى «الخط 29»، كما نشرت سفنها جنوباً وشرقاً، وقد تبيع الثروة من المالك إلى المستهلك الأوروبي من على منصات الغرْف. أما لبنان الرسمي، وبعدما كان رئيسه أعلن في وقت سابق التفاوض على «الخط 23» متخلياً عن الحق الذي ثبته الوفد العسكري اللبناني المفاوِض، فقد رد بطلب رئيس الجمهورية من قيادة الجيش تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية «ليُبنى على الشيء مقتضاه»!

هم طارئ.. وترقب

وفي عز استغراق لبنان في استحقاقاته الدستورية والسياسية المتعاقبة الناشئة عن الانتخابات النيابية الأخيرة، اقتحمت «مواجهة كاريش» سلم الأولويات اللبنانية الأشد إلحاحاً، ما أشاع أجواء ترقب ما سيكون عليه رد لبنان وطبيعة هذا الرد، وما يمكن أن يكون عليه رد فعل إسرائيل التي تتجاهل المطالب والحقوق اللبنانية منذ بداية المفاوضات غير المباشرة معها.

وفي الانتظار، فإن ثمة إجماعاً على أن هذا الهم الطارئ جاء ليكشف خطورة مضي الموقف اللبناني الرسمي ضائعاً ومنقسماً بين التردد والتراجع في الخلط بين الخطين «23» و«29»، فيما المرسوم «6433» الذي يحتاج إلى تعديل لا يزال جامداً ومجمداً لدى رئاسة الجمهورية.

أما على المقلب الآخر من الصورة، فكلام عن الاحتمالات الناشئة عن وصول السفينة بثلاثة: إما اندلاع مواجهة عسكرية كرسالة لمنع إسرائيل من الاستفراد بالساحة البحرية، وهو أمر لا يزال مستبعداً قبل استنفاد فرص التفاوض، وإما مسارعة الدول المعنية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبعض الأوروبيين، إلى احتواء خطر المواجهة وتحريك مفاوضات ترسيم الحدود، بما يملي توقف إسرائيل عن عمليات التنقيب والاستخراج من حقل «كاريش»، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، وإما الإفساح أمام عمل دبلوماسي سريع عبر الأمم المتحدة، من خلال تحرك لبنان عبر شكوى على إسرائيل، يقرنها بتقديم مستندات جديدة تتصل باعتماد «الخط 29» منطلقاً نهائياً للمفاوضات غير المباشرة عبر الوساطة الأمريكية.

Email