معسكر «حزب الله» بعد الانتخابات..اغتراب سياسي عن التغيير القادم

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدءاً من اليوم الأحد، «تُرِك» لبنان في عهدة تصريف الأعمال، فيما أخذ مجلس نوّاب العام 2018 مقعده في الذاكرة اللبنانيّة، طاوياً معه مرحلة كانت الأكثر صخباً وتشنّجاً على كلّ المستويات، وسلّم الراية التشريعيّة للمجلس النيابي المنتخَب حديثاً (15 الجاري)، الذي تنتظره مجموعة من التحديات والاستحقاقات، والتي هي بدورها الأكثر دقّةً وحساسيّةً، وعليها تتحدّد وجهة الرياح الداخليّة للمرحلة المقبلة. وما الصراع على انتخاب رئيس للمجلس ونائب للرئيس هذه المرّة إلا أحد معالمها الأوّليّة.

وما بين المشهديْن، كلامٌ عن مرحلة محفوفة بالغموض المثير للمخاوف من إمكان عودة ظاهرة شلّ الاستحقاقات الدستوريّة وتعطيلها، ذلك أنّ مجلس النواب الجديد بدأ ولايته اليوم الأحد، وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي أصبحت، منذ اليوم، حكومة مستقيلة في طوْر تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وحتى الآن، لم تظهر معالم أيّ اتجاه حيال تمرير معركة انتخاب رئيس المجلس النيابي، على النحو الذي كان سائداً سابقاً، أي بتوافقات عريضة بين الكتل النيابية، إذْ إنّ الانقسام الواسع حول انتخاب نبيه برّي للمرّة السابعة على التوالي، والذي يجب أن يحصل خلال 15 يوماً من تاريخ اليوم، في ضوء نشوء معارضة نيابية واسعة لانتخابه، رسم المعالم الأوليّة لتبديل اللعبة داخل المجلس، وهو الأمر الذي يرجّح انسحابه بقوّة أيضاً على استحقاقَي تكليف رئيس جديد للحكومة وتأليف الحكومة الجديدة. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ ماهيّة حكومة تصريف الأعمال تفترض وجوباً أن يكون عمرها قصيراً، لأنّ مهامها، بحسب ما استقرّ عليه الاجتهاد، تقتصر على الأعمال الإداريّة الروتينيّة التي لا تحتمل التأجيل. ومن البديهي أن تستمرّ حكومة تصريف الأعمال في أداء هذه المهمّة حتى تأليف حكومة جديدة، إذْ لا يمكن لرئيس جمهورية ولا لمجلس نوّاب ولا لأيّ سلطة أخرى وقف حالة تصريف الأعمال، لأنّ هذا الأمر بيد الشخص المكلّف حصراً.

وبصرف النظر عن النتيجة التي ستؤول إليها معركة تركيب مطبخ السلطة التشريعيّة، فإنّ الأنظار شاخصة إلى السلطة التنفيذيّة، مع ما يعنيه الأمر من تأليف حكومة جديدة قبل الوصول إلى المهلة الدستوريّة لانتخاب الرئيس المقبل للجمهورية، التي تبدأ في 31 أغسطس وتنتهي في 31 أكتوبر المقبلين. وذلك، وسط تراكم الأسئلة، وأبرزها: كم ستطول مرحلة تصريف الأعمال؟ هل تصل إلى نهاية العهد في 31 أكتوبر المقبل؟ وهل يحتمل الوضع اللبناني حكومة تصريف أعمال لـ5 أشهر؟ وماذا عن كلّ الاستحقاقات والملفّات الداهمة، وهل بإمكان حكومة تصريف الأعمال حلّها؟

وفي الانتظار، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّ البلد يقف اليوم أمام مرحلة سياسيّة عصيبة، عنوانها العريض: عدم وضوح المعالم. ذلك أنّ السبب الأساسي لضبابيّة المشهد، وفق تأكيد مصادر برلمانية لـ«البيان»، يتمثل بكوْن الكتل النيابية المنضوية في ما يُسمى بـ«فريق الممانعة»، والتي يتحكّم في قرارها «حزب الله»، لم تتعلم شيئاً على ما يبدو من تجارب الماضي، فهي تصرّ على إبقاء القديم على قدمه، كأنّ مجلس 2022 هو مجلس 2018، أو كأنّ شيئاً لم يحصل في البلد منذ 17 أكتوبر 2019 إلى اليوم. وفي المقابل، فإنّ «فريق السياديّين والتغييريّين» يحاول إطلاق عمليّة التغيير، وهذا ما يتبدّى من خلال الاتصالات بين هذه القوى في سبيل الوصول إلى موقف موحّد حيال معركة رئاسة مجلس النوّاب أولاً. وما يُقال عن معركة رئاسة المجلس يُقال مثله أو أكثر عن معركة الحكومة. وعليه، ارتفع منسوب الكلام على أنّه، وبدءاً من يوم غدٍ الاثنين، سيكون لبنان «وجهاً لوجه» مع معالم «معركتيْن» بين حدَّين لا ثالث لهما: لملمة الوضع اللبناني، أو ترك الفراغ ليطول ويتمدّد، وصولاً، ربّما، إلى نهاية عهد الرئيس ميشال عون بعد نحو 5 أشهر.

Email