فلسطين.. جمود سياسي وترقب ضوء آخر النفق

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة عوامل داخلية تقف وراء الانكفاء والجمود السياسي في فلسطين، ويصطف في مقدمتها غياب المجلس التشريعي المعطّل منذ عدة العام 2006، واستفحال الانقسام السياسي والجغرافي منذ 15 عاماً، وعدم فاعلية المؤسسات السيادية وعلى رأسها منظمة التحرير، وكل هذه العوامل جعلت الحياة السياسية الفلسطينية تراوح مكانها منذ زمن.

وفيما تسعى الإدارة الأمريكية لترتيب لقاءات قريبة تجمع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لفتح الأبواب المغلقة أمام المسار السياسي، ضمن مساعيها الرامية لإيجاد مخرج من المأزق السياسي الحالي، وفتح نافذة أمام أية مفاوضات مستقبلية ممكنة، فإن هناك تخوّفاً من الذهاب لهذه المفاوضات نتيجة للتراجع السياسي، ولكون العملية التفاوضية من وجهة نظر مسؤولين، هي معركة، ونتائجها محكومة بتوازن القوى والعلاقات الدولية، وإن كان هناك ميل دولي وإقليمي لحل الدولتين.

ويدرك الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، أن التوتر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، لن يؤدي إلى السلام والاستقرار في المنطقة، بل على النقيض من ذلك، من شأنه توتير الأجواء، وعليه، فالحراك الأمريكي المُنتظر سيسعى إلى تحقيق حياة مستقرة ومستقبل مشرق، وإن يحتاج هذا لترجمة فعلية على الأرض، بعيداً عن لغة الشعارات، والمواقف اللفظية.

وتنهض مبادرات أمريكية حالياً جعلت الفلسطينيين يترقّبون ضوءاً آخر النفق، وإن كانت هذه المبادرات ليست جديدة، فقد سبقها لقاءات وحوارات أجراها مسؤولون أمريكيون مع كبار صنّاع القرار السياسي في كل من فلسطين والأردن ومصر وإسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، كما جرت مناقشة مساعي البيت الأبيض لاستضافة مفاوضات سياسية، مع مسؤولين كبار في الجانب الإسرائيلي، ولكن من وجهة نظر مراقبين، فإن هذه المساعي تبقى جوفاء ما لم يتبعها خطوات جادّة.

ولم يكن الفلسطينيون والإسرائيليون يدركون ما تخبئه لهم الأيام والسنوات، عندما اعتمدوا الجهود الأمريكية خياراً مقبولاً لإدارة العملية السلمية بينهما والإشراف عليها، ومنذ اتفاق أوسلو العام 1993 صدرت العديد من التصريحات والتعهدات الأمريكية بأن واشنطن لن تكتفي بدور الوسيط، بل ستتجاوزه لتصبح شريكاً فاعلاً في العملية السياسية، وبعبارة أخرى سيكون دورها إيجابياً، ولن تركن إلى ترديد الشعارات حول السلام دون مناقشتها وترجمتها على الأرض.

وجليّ أن الممارسة التفاوضية الأمريكية منذ الفترة التي أعقبت اتفاق أوسلو، وحتى قمة كامب ديفيد، لم تعط انطباعاً كافياً عن الموضوعية المطلوبة، أو حتى القدر اللازم من الإيجابية، إذ كان المنطق الذي تنطلق منه هذه الممارسة هو الضغط لتقديم تنازلات، وفي أحيان كثيرة القيام بمقام ساعي البريد، الذي تنحصر مهمته في نقل الرسائل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وطبقاً لمراقبين، فإن الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، أجمعت على حقيقة واحدة، وقوامها أن المفاوضات السياسية المنتظرة يجب أن تتبلور في إطار جديد، وصياغة آلية جديدة، تستند إلى تغيير جذري في الموقف الأمريكي حيال تطلعات الفلسطينيين وحقهم بالتمتع بقدر متساوٍ من الحرية والاستقرار مع الإسرائيليين طبقاً لمبدأ حل الدولتين، الذي نادت به الإدارة الأمريكية وأجمعت عليه الأسرة الدولية، ودون ذلك، فلا بد من تدخل دولي واسع النطاق، لصياغة إطار ومرجعية جديدين للسلام العادل.

Email