لبنان.. تحدّيات جدّية في مسار البرلمان الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة انتهاء حمى الانتخابات النيابيّة، بنتائجها وأرقامها، وفي ضوء «الدرس الانتخابي» وخلاصاته التي عكست حجم النقمة الشعبيّة المتعاظمة على الطبقة الحاكمة، لا يزال المشهد اللبناني مثقلاً بالغموض المتصل بانطلاق الاستحقاقات التي ستعقب بدْء ولاية مجلس النوّاب المنتخَب في 22 من الجاري، بدءاً بانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه، وهو الاستحقاق الذي يواجه عبره رئيس المجلس «التاريخي» منذ عام 1992 بلا انقطاع، نبيه برّي، وللمرّة الأولى، تحدياً كبيراً لجهة وجود كتل وازنة ترفض إعادة انتخابه، ولو انتفت المنافسة له لعدم وجود مرشّح في مواجهته، لاعتبارات متصلة بعرْف التوزيع الطائفي والمذهبي للرئاسات الثلاث، ووصولاً إلى الاستحقاق الأشدّ تعقيداً، والذي يتمثل بتسمية شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة، من خلال الاستشارات النيابيّة الملزِمة، ووسط فسيفساء مختلفة عن كلّ المراحل التي طبعت الحقبات السابقة. 

تزامناً، لا تزال القوى السياسية منهمكة في قراءة نتائج الانتخابات النيابية، فيما بدأت حكومة نجيب ميقاتي بالاستعداد لمرحلة تصريف الأعمال، باعتبار أنّها تُعتبر مستقيلة مع نهاية ولاية المجلس الحالي، وسط توقعات بأنّ هذه المرحلة ستطول انطلاقاً من مخاوف حيال الاحتمالات الكبيرة لتعذّر تشكيل حكومة جديدة في فترة سريعة، كما تقتضي الظروف الاستثنائيّة في البلاد، وهي على أبواب أشهر قليلة من انتهاء الولاية الرئاسيّة.

وفيما طُويت صفحة الانتخابات، فتحت الأزمات دفاترها القديمة، حيث عادت الطوابير إلى محطات المحروقات والأفران ومراكز تعبئة قوارير الغاز. ولأنّ استحقاق النيابة استهلك مخزون الوقود في العملية الانتخابية، فإنّ العتمة الشاملة آتية مع توقف المعامل عن إنتاج الطاقة. أمّا الكسْر الأعلى، فناله الدولار بتخطّيه عتبة الـ30 ألفاً.

استحقاقات

وبعيداً عن منطق القبول والرفض، الذي بدأ البعض يَعتمده على طريق استحقاق انتخاب رئيس مجلس النوّاب الجديد، تجري بعيداً عن الأضواء اتصالات حثيثة في مختلف الاتجاهات تحضيراً لإنجاح هذا الاستحقاق الذي يُفترض دستوريّاً أن يُنجز خلال أسبوعين من تاريخ بدْء ولاية المجلس الجديد. وخلافاً لهذا الموقف أو ذاك، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّه سيُعاد انتخاب برّي لرئاسة المجلس الجديد، أي لولاية سابعة، لأنّ الأكثرية النيابية لهذه العملية الدستورية متوافرة. وينسحب الأمر على انتخاب نائب رئيس المجلس وهيئة مكتبه، لتنطلق بعدها الآليات الدستوريّة لتأليف الحكومة الجديدة.

وفي الساعات الفاصلة بين رحيل برلمان 2018، ولحظة تسلّم برلمان 2022 ولايته في 22 من الجاري، وسط خلط الأوراق والتحالفات، كشفت أوساط سياسيّة لـ«البيان» أنّ مشاورات بدأت في الكواليس لإنضاج «طبْخة» الإدارة المجلسيّة الجديدة. وإذا كانت إعادة انتخاب برّي رئيساً للمجلس أمراً محسوماً، ولوْ بنسبة أصوات أقلّ عما كانت عليه عام 2018، فإنّ هذه الأوساط تشير إلى أنّ «الطبْخة» الجاري تحضيرها تشمل نائب رئيس المجلس وهيئة المكتب، إلى جانب اللجان النيابية ورؤسائها، مع ما يعنيه الأمر من إعطاء إشارة إيجابيّة من البداية حول سلوك المجلس المنتخَب، وحتى تُثبت القوى العائدة من الطبقة السياسية، والقوى التغييرية، أنّها التقطت الرسالة التي وجهتها شريحة واسعة من اللبنانيّين عبر بريد صندوق الاقتراع.

Email