لبنان.. أيّ آلية قرار لبرلمان أكثرية الأقليات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال الداخل اللبناني منشغلاً بقراءة مضامين التركيبة المتنوعة للمجلس النيابي الجديد، والخالية من أي أكثرية لأي فريق بعينه، وذلك استبياناً لأبعادها والخلفيات، كما لاستشراف طبيعة المرحلة التي ستدخلها البلاد، بدءاً من الأحد المقبل، حيث تبدأ ولاية هذا المجلس، والاستعداد لتكوين مطبخه التشريعي، بدءاً بانتخاب رئيسه، على أن تُطلق بعد ذلك الآلية الدستورية لتأليف حكومة جديدة، يُتوقّع أن يُكلّف الرئيس نجيب ميقاتي بتأليفها، وإلا «جرجر» الفراغ إلى موعد الاستحقاق الرئاسي، في مهلة الـ 60 يوماً، التي تسبق نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر المقبل.

وغداة ظهور الصورة الكاملة والواضحة لمجلس النوّاب المنتخَب بأعضائه الــ 128، أقفل باب المفاجآت، الذي ظلّ مشرعاً ليوميْن، ولم يعد ثمّة التباسات متاحة للاجتهادات التي يوظّفها أيّ فريق للتخفّي على خسارة من هنا، أو أخطاء من هناك. ذلك أنّ هذا المجلس، بتوزّع تكتلاته المستعادة والجديدة، مقبلٌ على كسْر الثنائية الحصريّة بين أكثرية وأقلية تقليديّتيْن، كانتا تكرّستا بصراع معسكرَي «14 أذار» و«8 آذار»، مع ما يعنيه الأمر من كوْنه يبدو أمام تجربة مختلفة، يصعب الجزم مسبقاً بأيّ آلية ستتّسم عبرها عمليات توزّع القوى، وهل سيكون ثمّة إطار جامع لتكتلات في مواجهة تحالف «حزب الله وأمل» و«التيار الوطني الحرّ». ولعلّ انتخاب رئيس المجلس، ومن ثمّ تأليف الحكومة الجديدة، سيشكّلان الاستحقاقين الأوّليْن الفوريّيْن، اللذين سيرسمان الإطار الأساسي الأوّلي لطبيعة عمل المجلس الجديد.

تنفيذ الإصلاحات

تزامناً، تقاطعت الرسائل الأمميّة والعربية والأوروبية، عند التشديد على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، من أجل «إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لوضع لبنان على طريق النهوض الاقتصادي»، حسبما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والتأكيد على ضرورة أن يدعم مجلس النواب المنتخَب «عملية سريعة لتشكيل الحكومة»، وأن «يتصرّف بشكل مسؤول وبنّاء لخدمة لبنان وشعبه»، وفق بيان الاتحاد الأوروبي، والإشارة إلى وجوب «البناء على نتائج الانتخابات، والإسراع في ‏تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية واللازمة لتمكين ‏لبنان من الخروج من الأزمة»، على حدّ تعبير الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط.

أيّام مفصليّة

وفي الوقت الضائع بين حكومة تستعدّ لتقديم استقالتها، ومجلس نيابي يتهيّأ ويتهيّب لتشكيل مطبخه التشريعي، من رئيس جديد أو قديم منتخَب مجدداً، إلى هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية المشتركة، وفي انتظار توجيه الرئيس نبيه بري، بصفته «رئيس السنّ»، الدعوة إلى المجلس الجديد للاجتماع، بعد انتهاء ولاية المجلس الحالي، نهاية الأسبوع الجاري، لا يزال المشهد السياسي مثقلاً بإطلالات القادة السياسيّين، الذين يتناولون من خلالها حصيلة الاستحقاق.

أمّا على المقلب الآخر من الصورة، فاستفاقت أحزاب السلطة من الكابوس الانتخابي، لتواجه مرارة خسارة الأكثريّة النيابيّة، وتراجع مخزونها الاستراتيجي من «الحواصل»، إلى مستويات مثيرة للهلع، وذلك بعد النكسة التي أصابت «رفاق السلاح» في مختلف الدوائر، تحت وطأة ما أفرزته الصناديق من أصوات «سياديّة»- تغييريّة مناهضة لسطوة «الدويلة». وعليه، فإنّ ثمّة انشغالاً باستعراض الأسماء، لتولّي منصب رئاسة المجلس، إذْ إنّ «حزب الله»، لم يترك للمعارضة منفذاً للترشّح، وقطع الطرق على كلّ الأسماء التي خرجت من تحت عباءته، وبالتالي، لم يعد سوى اسم نبيه برّي، مرشّحاً للمرّة السابعة.

Email