ولاء منقسم بين حكومتين في ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

باشرت الحكومة الليبية الجديدة، المنبثقة عن مجلس النواب، مهامها الأربعاء، من مدينة سرت، شمال وسط البلاد، بعد فشل محاولات رئيسها، فتحي باشاغا، في الإمساك بمقاليد السلطة بالعاصمة طرابلس. وينتظر أن يعقد البرلمان جلسة عامة بمدينة سرت، الأسبوع المقبل، للتصديق على ميزانية الدولة لعام 2022، التي تقدمت بها حكومة باشاغا، ويبلغ حجمها 94 مليار دينار ليبي، ما يعادل 20 مليار دولار ، بينما دخلت عائدات النفط مرحلة التجميد، بقرار من مجلس النواب، في انتظار التوصل إلى تحديد آلية جديدة لتوزيعها على مختلف الأطراف، في إشارة إلى الحكومتين المتنافستين على حكم البلاد. وتبسط الحكومة الجديدة نفوذها على إقليمي برقة وفزان، وأجزاء من إقليم طرابلس، من بينها مدينة سرت، التي تحولت إلى عاصمة مؤقتة، باحتضانها السلطات الجديدة الحائزة على ثقة البرلمان، لكنها تفتقد إلى الاعتراف الدولي. وتباشر حكومة باشاغا سلطتها على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وتحظى بدعم بعض القوى المؤثرة سياسياً واجتماعياً وميدانياً في طرابلس، وبقية مدن الساحل الغربي، ومنها مصراتة والزاوية.

ويرى مراقبون أن الأحداث التي جرت الثلاثاء ، عندما أعلن عن دخول باشاغا طرابلس، قبل أن يضطر إلى مغادرتها، فتحت الباب على حالة من الانقسام بين الميليشيات في المنطقة الغربية، مشيرين إلى أن باشاغا وصل العاصمة، بمساعدة ودعم من كتائب مسلّحة محسوبة على المجلس الرئاسي، ومن بينها كتيبة «النواصي»، وغادرها عندما برزت نذر احتراب بين القوات الموالية لحكومته، والقوات الموالية لحكومة الدبيبة.

وبحسب المراقبين، فإن تصدّعاً حصل في جبهة حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، بقرار صادر عن الدبيبة، بعزل رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، اللواء أسامة الجويلي، أحد أبرز القادة الميدانيين في غربي البلاد، والذي كان من أشرس المقاتلين ضد الجيش الوطني خلال السنوات الأخيرة.

وجاء القرار عقاباً للجويلي على مساندته لباشاغا، وهو ما سيؤثر في مواقف أنصاره والميليشيات الموالية له، سواء في مدينة الزنتان، التي يتحدر منها، أو في بقية المناطق المجاورة، ويجيّرها لصالح الحكومة الجديدة، التي تتخذ من سرت مقراً لها. ويلقى باشاغا دعماً من بعض ميليشيات طرابلس ومصراتة والزاوية والزنتان، بينما يحظى الدبيبة بمساندة الأجهزة العسكرية والأمنية الخاضعة لحكومته في مدن الساحل الغربي، والميليشيات القريبة من تيار الإسلام السياسي، ومن رئيس دار الإفتاء الصادق الغرياني، الذي يواصل مهامه، رغم عزله من قبل مجلس النواب منذ نوفمبر 2014، بينما يرجح محللون سياسيون، أن يؤدي وجود الحكومة الجديدة في مدينة سرت، التي تعتبر جغرافّياً من ضمن مناطق إقليم طرابلس، إلى تغير في المواقف وفي المزاج العام في خريطة الولاءات لصالح هذا الطرف أو ذلك، لا سيما بعد الدخول فعلياً في توزيع العائدات المالية على الحكومتين المتنافستين.

Email