تقارير « البيان»

برلمان لبنان الجديد .. لا أكثرية تحكم ولا أقليّة تعارِض

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة إنجاز الاستحقاق الانتخابي في لبنان، والذي على نتائجه الرسمية التي ستُعلن، سيكون المشهد غير ما كان قبله، رغم أنّ نتائج العمليّة الانتخابية لم تغيّر كثيراً فيه من حيث موازين القوى العامّة السائدة في ظلّ المجلس الحالي الذي تنتهي ولايته في 21 من الجاري، وتصبح عندها الحكومة مستقيلة دستورياً، وتتولّى تصريف الأعمال إلى حين تأليف حكومة جديدة.

أمّا الصورة التقريبيّة لمجلس 2022، فاقتربت كثيراً من تبدّل بارز، سيكون معه المجلس المنتخَب مجموعة تكتلات، ولا يبقى واقعه موزّعاً بين أكثرية وأقليّة تقليديّتيْن، الأولى تحكم والثانية تعارِض، إلا في حال توحّدت جبهة المعارضين.

وفيما طوى لبنان صفحة الانتخابات، الأولى بعد 3 زلازل غير مسبوقة بحجمها وتزامنها، أي «انتفاضة 17 أكتوبر» (2019) والانهيار الكبير وجريمة تفجير مرفأ بيروت، وقد يُضاف إليها زلزال رابع تمثل بفقدان تحالف «حزب الله» الغالبيّة البرلمانيّة، غير أنّ النتائج غير النهائية للانتخابات حملت في طيّاتها رسائل سياسيّة عدّة، تبدأ بخسارة تحالف «حزب الله» الأكثرية النيابية، عبر «خاصرته الرخوة»، أي التيار الوطني الحرّ، وبأن اعتكاف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري عن المشاركة في الانتخابات لم يملأه حلفاء «حزب الله»، ووصولاً إلى النوعيّة التي أتت من المجتمع اللبناني العابر للطوائف «قوى الثورة والتغيير»، التي لم تصل إلى البرلمان إلا حفنة منهم، قد تصل إلى 10 نواب، لكنّهم سيشكّلون حتماً علامة فارقة في المجلس الجديد.

تحدّ وشيك

وفي انتظار جلاء غبار المعركة الانتخابية، تجدر الإشارة إلى أنّه، ورغم كلّ المال الانتخابي الذي أغدِق في كلّ المناطق ومن كلّ الأحزاب، لم تتمكن الأكثريّة، الحالية والتي سبقتها، من لملمة صفوفها بوجه تراجع ثقة الناس التي ظهرت في نِسب المشاركة الخجولة التي وصلت إلى 41%.

ورغم ذلك، فازت «القوى التغييريّة» في أكثر من دائرة، ما يعني أنّ الحماسة التي حصلت للاقتراع صبّت كلّها لصالح هذه القوى، ولولا ذلك لكانت نسبة المشاركة العامّة ستنخفض أكثر وأكثر، في ترجمة واضحة لمدى تراجع شعبيّة الأحزاب بعد سنتين من الانهيار. وعليه، وفي قراءة أوليّة للنتائج، تلقّت الأحزاب، باستثناء حزب «القوات اللبنانية» الذي شدّ عصب جمهوره، ضربات موجعة بتراجع نسب المشاركة في كلّ المناطق.

وسيكون التحدّي الكبير تأليف الحكومة الجديدة، حيث إنّ البلاد، بما تعانيه من أزمات، لا تتحمّل تأخيراً في إنجاز هذا الاستحقاق الذي يُفترض أن يبدأ عدّه العكسي صبيحة 22 من الجاري، حيث سيكون الجميع أمام اختبار تجاوز خطاب ما قبل الانتخابات إلى التوافق على التركيبة الحكومية الجديدة، ويبدو رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي هو الأوفر حظاً بتشكيلها، ثم يتحوّل التركيز إلى استشارات التأليف، وبدء العدّ العكسي لانتخاب رئيس الجمهورية بعد 31 أكتوبر المقبل.

ثمّة إجماع على وجود جانب سلبي لنتائج الانتخابات، يتمثل بالعودة إلى الانقسام العمودي الشبيه بـ«8 و14 آذار»، وعلى أنّ لبنان ذاهب إلى انقسام سياسي أكثر عمقاً.

Email