لبنان.. ماذا بعد المنازلة الانتخابية الكبرى الأحد؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشيّة موعد المنازلة الانتخابية الكبرى على امتداد لبنان، (الأحد)، وفيما أُنجِزت التحضيرات لليوم الذي سترسم نتائجه ملامح المرحلة المقبلة، ارتفع منسوب الكلام عن ساعات فاصلة بين مرحلتيْن في تاريخ لبنان ما بعد «الطائف»، تعبّر عنها نتائج انتخابات عام 2022 لمجلس نيابي جديد، تنبثق منه رئاسة مجلس قديمة أو جديدة، وحكومة تشكّل استمراراً لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي أو حكومة من نوع آخر، فضلاً عن رئيس جديد للجمهورية بعد 31 أكتوبر المقبل، إذ أعلن الرئيس ميشال عون أنّه لن يبقى دقيقة واحدة في قصر بعبدا بعد هذا التاريخ.

ولا يقتصر الرهان على تبدّل أو عدم تبدُل في أجسام الرئاسات والمؤسّسات الدستورية، بل على المنحى التغييري للسياسات والتوجّهات والأدوات والأدوار، بعد «الأحد الكبير» الذي يحمل في طيّاته غرائب تحالفيّة وانتخابيّة، وعجائب في التمثيل، أيّاً كانت نسب الاقتراع وطبيعة التكتلات المقبلة في مجلس 2022. وعليه، تطوي «حكومة سبتمبر» دفاترها، وترحل بعد الإعلان عن تكوّن المجلس الجديد في 21 من الجاري، على أن تعقد جلستها الوداعية، الخميس المقبل (19 من الجاري)، على أمل العودة، في حين تردّدت معلومات مفادها أنّ الجلسة الوداعيّة ستكون ماراتونيّة، وربّما تحمل مفاجآت ما تزال طيّ التحفّظ أو الكتمان.

وفي الانتظار، انصبت الاهتمامات على الاستعدادات الجارية لـ«إحدى المنازلات الانتخابية الكبرى»، في ظل صمت انتخابي، فيما كرّر الرئيس ميقاتي دعوته إلى المشاركة في الاقتراع، والى «الإسراع في اتخاذ الخطوات الدستورية المطلوبة لتسمية رئيس جديد للحكومة وتشكيل حكومة جديدة»، ونُقل عنه قوله: «وصلنا إلى الخطّ الأحمر على كلّ المستويات، وبات من الصعب الرهان على الوقت، أو على متغيّرات مفترضة، لعدم إتمام ما هو مطلوب منّا». 

رقم خارج المعادلة

إلى ذلك، وفي زمن حشد الأصوات وتعدادها وقياس نسب الاقتراع والحواصل الانتخابية وكسورها، قفز إلى الواجهة رقمٌ من خارج المعادلة، من شأنه، وفق القراءات المتعدّدة، إسقاط كلّ الأطروحات السياسيّة والشعارات والحملات الانتخابية وأربابها. وهذا الرقم أوردته كلّ من إدارة «الإحصاء المركزي» و«منظمة العمل الدولية»، ومفاده أنّ 52%، ممّن هم بعمر 15 سنة وما فوق من اللبنانيين، أبدوا رغبتهم في الهجرة من لبنان. ومن نافل القول أنّ هذا الرقم هو، بحدّ ذاته، نتيجة مسبقة للانتخابات التي لم تكمل محطّتها الحاسمة غداً، ألا وهي «لا» كبيرة بوجه الجميع قالها 52% من اللبنانيين عشيّة «الأحد الكبير».

... وخياران

وفي انتظار موعد المنازلة الكبرى الأحد، والتي سترسم نتائجها ملامح المرحلة المقبلة، رئاسيّاً ونيابياً وحكومياً، ارتفع منسوب المؤشرات التي تنبئ بأنّ الانتخابات الحالية من أسوأ الانتخابات على صعيد الرشوة المستشرية والمكرّسة في كلّ مكان.

وعن أنّ المرحلة المقبلة تبدو أشدّ قسوةً ومرارةً على اللبنانيّين جميعاً، في حال عدم المباشرة في مسيرة الإصلاح، فيما الأخطار تفرض على كلّ لبناني أن يسهم في تغيير الوضع نحو بناء دولة قوية. أمّا المهمّ، بحسب تأكيد مصادر متعدّدة لـ«البيان»، فيتمثل بأن تسلك العملية الانتخابية مسارها إلى النهاية، مع ما يعنيه الأمر من كوْن لبنان، ما بعد الانتخابات مقبلاً على استحقاقات كبرى، بعضها سياسي ودستوري، وبعضها الآخر اقتصادي ومالي واجتماعي. 

وبناءً على النتائج المرتقبة، ينتظر اللبنانيّون توازنات المجلس النيابي الجديد، فيما بدأ في الكواليس السياسيّة البحث في مرحلة ما بعد الانتخابات، وخصوصاً لجهة تداعيات عدم تشكيل حكومة سريعاً، في ضوء موقف رئيس الجمهورية وفريقه، الذي سيكون إلى حدّ بعيد اعتراضياً على تشكيل حكومة تقنيّين.

وذلك، وسط ارتفاع منسوب التوقعات أن يتمّ فرض تشكيل حكومة سياسيّة، تؤول إليها صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال حصول فراغ رئاسي. أمّا في حال الإصرار على تشكيل حكومة مطعّمة بشخصيات سياسية، فيتعوق تشكيل الحكومة سريعاً لمواكبة الاستحقاقات الداهمة.

وعليه، فإنّ لبنان مقبلٌ على مفترق طرق أساسي: إمّا توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وبدْء المعالجات المؤلمة التي تشمل إعادة هيكلة المؤسّسات والقطاع العام، وإمّا الدخول في نفق مظلم جداً يعتمد في الدرجة الأولى على المساعدات الإنسانية والمؤن المعيشيّة من الخارج، مع ما يعنيه الأمر من كوْن السرعة في تشكيل الحكومة هي التي ستحدّد الوجهة التي يسلكها لبنان بين هذيْن الخياريْن.

Email