الانتخابات البرلمانية اللبنانية ورهان المشاركة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينطلق غداً قطار الانتخابات البرلمانية في لبنان، بأولى مراحلها الأربع، باقتراع المغتربين في الدول التي تعتمد يوم الجمعة عطلة أسبوعية، فيما تنطلق المرحلة الثانية الأحد المقبل باقتراع المغتربين المنتشرين في الدول التي تعتمد يوم الأحد عطلة أسبوعية، من أمريكا إلى أستراليا، ومن أوروبا إلى أفريقيا، ثم المرحلة الثالثة في 12 من الجاري باقتراع الموظّفين المولجين برئاسة وإدارة أقلام الاقتراع، وصولاً إلى محطة الفصل والحسْم في 15 من الجاري على مستوى الدوائر الــ15 في لبنان.

وفيما «لبنان ينتخب» للمرّة الأولى بعد انهيار تاريخي ضربه وانفجار مأسوي أصاب قلب عاصمته، بما يملي التطلّع إلى الآمال الكبيرة المعقودة على تغيير كبير تحمله هذه الانتخابات، في شقّيْها الاغترابي والمقيم، فإنّ الغليان السياسي، المتصاعد والمتنوّع الجهات والاتجاهات والطوائف، الذي عكسته الأيام الأخيرة، عزّز انطباعات القلقين حيال تعميق الانقسامات التي أحدثها ويحدثها استغلال قوى سياسية وحزبية للسِباق الانتخابي في وسائل وحملات تعتمد شدّ العصب الغرائزي الطائفي والمذهبي. أمّا الجوانب الأخرى من الغليان السياسي الذي تبحر عبره المراحل الانتخابية بدءاً من يوم غدٍ، فعكستها الهجمات العنيفة وحملات التهجّم الخارجة عن الأدبيات السياسية والتنافس الطبيعي التي تخلّلت جولات البعض في عدد من المناطق.

ووسط أجواء «حبْس الأنفاس» وشدّ العصب الانتخابي والشحن السياسي والمناطقي، والحملات والاتهامات من فوق السطوح وتحتها، والأعصاب المشدودة في كلّ الدوائر، والمضبوطة كلّها على إيقاع «تكتكة» العدّاد التنازلي للأيام المتبقية من روزنامة التحضير لاستحقاق 15 من الجاري، ارتفع منسوب مخاوف القوى الحزبية تحديداً من أن تصطدم بجدار المقاطعة وإحجام الشريحة الكبرى من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات، مع ما يعنيه الأمر، إنْ حصل فعلاً، من خيبة تعادل الفضيحة المدوّية لقوى حزبية وعدت نفسها وجمهورها بأن تُحدث نقلة نوعية في حضورها وتمثيلها في المجلس النيابي الجديد، ولقوى حزبية أخرى وعدت بدورها بأن تحافظ على نسبة تمثيلها النيابي بالحجم نفسه الذي هو عليه في مجلس النواب الحالي.

إلى ذلك، وعشية انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ المرحلة الأكثر أهمية وحساسيّة هي التي تلي الانتخابات، وخصوصاً في ظلّ التحديات الماثلة أمام لبنان، ليس فقط تشكيل الحكومة الجديدة التي يُفترض ألا يطول وقته وإبقاء الوضع الحكومي في حالة تصريف أعمال، بل في ما هو ملحّ إنجازه من قبل لبنان من ملفات عاجلة لوضع الأزمة على سكّة العلاجات، وأهمها خطّة التعافي وما يتطلّبه برنامج التعاون المرتقب مع صندوق النقد الدولي، سواء ما يتعلق بالخطوات والإجراءات الإصلاحية أو ما يتعلق بإقرار قانون «الكابيتال كونترول» وقانون رفع السرية المصرفية، وصولاً إلى الإجراء الذي لا يقلّ أهمية عن ذلك والمتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

Email