تقارير «البيان »

لبنان يلتقط أنفاسه قبيل استحقاق حاسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

تدشن العلاقات اللبنانية الخليجية، صفحة جديدة، بعدما عاد سفيرا المملكة العربية السعودية والكويت، وليد البخاري، وعبدالعال سليمان القناعي، إلى بيروت، لاستئناف مهامهما الدبلوماسية، على رأس سفارتي بلديهما، على أمل أن تؤسّس العودة الخليجية لمرحلة من الأمل والثقة بمستقبل لبنان العربي الهوية والانتماء، وفق حصيلة المواقف التي توالت في معرض الترحيب بالقرار الخليجي.

وظلّلت العودة الدبلوماسية الخليجية المشهد الداخلي، غداة وصول السفيرين السعودي والكويتي إلى بيروت، بالتزامن مع إعلان اليمن عودة سفيره لممارسة مهامه في بيروت، استجابةً لإعلان الحكومة اللبنانية التزامها وقف كل الأنشطة والممارسات والتدخلات المسيئة للدول العربية، وتماشياً مع الجهود المبذولة لعودة لبنان لعمقه العربي، فيما ارتفع منسوب التعويل الداخلي على أهمية العودة الدبلوماسية الخليجية إلى بيروت، لا سيّما وأنّها ترافقت مع إعلان التوصل إلى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي.

بالتزامن، اشتعل المشهد الانتخابي للمرة الأولى، بكثافة إعلان اللوائح، وإطلاق الخطب والمواقف التي اتسمت بحرارة سياسية عالية، في مؤشّر إلى شمولية الاستنفارات الانتخابية، وبلوغها الذروة لدى جميع القوى السياسية والحزبية، والجماعات المدنية والمستقلين المنخرطين في السباق الانتخابي.

قوّة دفع

وفي موازاة «كرة الإيجابيات»، التي تدحرجت على المشهد الداخلي، فإنّ سؤالاً فرض نفسه بقوّة، ومفاده: هل ستُكمل هذه الكرة مسارها في الاتجاه الذي يتوق إليه اللبنانيون بالخروج من نفق الأزمة، والدخول في فضاءات الحلول؟ أم أنّها رمية مؤقتة في الهواء، لن يكون لها أي تأثير يحد من الانزلاق الخطير في المسار الانحداري الذي يسلكه لبنان منذ أكثر من عامين؟. وبعيداً عن التفسيرات والمبالغات التي قد تقارب هذه الإيجابيّات، التي أطلّت عبر فتح النافذة الدوليّة أمام رفْد لبنان بمساعدة مشروطة من صندوق النقد الدولي، وإعادة فتح النافذة الخليجيّة بإعادة السفراء، فإنّ هذه التطوّرات، وبحسب إجماع مصادر سياسيّة متعدّدة لـ «البيان»، تسقط حتماً في يد لبنان، للعمل بما تقتضيه من إجراءات سريعة وملحّة، تشكّل عامل جذب جدّياً وقوياً لمليارات صندوق النقد، وتبني في المقابل جسر الانفتاح الخليجي نحو لبنان.

انفراج نادر

وأياً تكن دوافع التقاطعات الدولية والخليجية حيال منْح لبنان «جرعات تنفّس»، على أعتاب الانتخابات النيابية 15 مايو المقبل، فإنّ الصورة التي ارتسمت في الساعات الأخيرة، أدخلت عامل انفراج نادر افتقده لبنان منذ مدّة طويلة، في واقعه شديد التأزّم، ولو أنّه لا يحمل المؤشرات الكافية لديمومة هذه الجرعات طويلاً، ذلك أنّ الانطباعات والمعطيات الثابتة، أكدت، وفق القراءات المتعدّدة، أنّ عامل التزامن بين توصّل لبنان وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق أولي أساسي وإطاري، وعودة سفيري السعودية والكويت، لم يكن أبداً بفعل مصادفة، بل جاء التطوران نتيجة ديبلوماسية مركبة، الأمر الذي يعكس، وفق القراءات، اتجاهات دولية وخليجيّة قوية، لدفع لبنان لإتمام استحقاقه الانتخابي، ومنع انهياره تحت وطأة استفحال الأزمات التي يرزح تحتها.

Email