بيروت تتريث في الرد على واشنطن بشأن ترسيم الحدود

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلص الاجتماع الذي جمع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، وخُصص لدرس الاقتراح الذي طرحه الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، إلى دعوة الولايات المتحدة لـ«الاستمرار في جهودها لاستكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية»، وذلك «وفقاً لاتفاق الإطار، بما يحفظ مصلحة لبنان العليا والاستقرار في المنطقة»، مرفقاً بالتشديد على أنّ هذا الملف «وطني بامتياز»، و«يجب أن يبقى بعيداً عن التجاذبات والمزايدات».

ومن بوابة هذا الاجتماع، الذي خُصص لبحث التقرير الذي رفعته اللجنة التي تولت دراسة اقتراح هوكشتاين، عاد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة مجدداً. ذلك أن اللجنة، وفق المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، أعدت مسودة جواب على اقتراح هوكشتاين، تناول الجوانب التقنية والفنية والقانونية كافة، في حين تردّدت معلومات مفادها أن الاجتماع سيبقى مفتوحاً لمزيد من الدرس، قبل إعطاء الموقف النهائي اللبناني الرسمي، علماً أنه لا يزال هناك متسع من الوقت حتى نهاية الشهر الجاري، موعد تسليم هذا الرد إلى الوسيط الأمريكي.

وعلى نية استكشاف الإمكانيات المتاحة لتقريب المسافات وتبديد التباينات، كان المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة العالمي، الوسيط الأمريكي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين باشر، خلال أكتوبر الماضي، بمهمة إدارة دفة التفاوض البحري غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، بجولة «جس نبض» في بيروت، ومن ثمّ قصدها مرتين، مستطلعاً مدى الجهوزية والجدية لدى المسؤولين اللبنانيين لاغتنام الوساطة الأمريكية السانحة، واقتناص فرصة التوصل إلى اتفاق حدودي يتيح للبنان استثمار ثروته النفطية. وغداة جولته الأخيرة التي قام بها في بيروت، في 9 فبراير الماضي، التي اختتمها بإعطائه المسؤولين اللبنانيين مهلة جديدة لإنجاز هذا الملف، ارتفع منسوب الكلام عن أن مسعى الوسيط الأمريكي، الذي وصفه بنفسه بأنه «فرصة، لا بد من استثمارها وإتمامها قريباً»، حمل معالم تحريك ملف مفاوضات الترسيم هذه المرة.

 ومن حينه، بقي الحديث متمحوراً حول «الموافقة الأمريكية» على المطلب اللبناني بعدم التشارك مع إسرائيل في أي حقل نفطي وغازي، فضلاً عن تجاوز مسألة الخطوط في التفاوض راهناً وحصره بمسألة توزيع الحقول الذي يسهّل ترسيم الخط البحري، على أن يضمن أي اتفاق في هذا الصدد وضع آلية تنفيذية تصلح في حال تحقيق اكتشافات نفطية جديدة مستقبلاً.

وفي المحصلة، ترك الوسيط الأمريكي لبنان بين خيارين: إما تلقّف مبادرة الخط المتعرّج بموازاة الخط «23» الذي يضم حقل «قانا»، وإما توقّف المفاوضات وعدم العودة إليها قبل سنوات. أمّا في القراءات المتعددة، فإن ثمّة كلاماً عن إصرار أمريكي على إنجاز ملف الترسيم قريباً، وإلا سيكون لبنان خارج نطاق الدول التي نجحت في ترتيب علاقاتها النفطية والغازية، وعن أن المسألة لم تعد مرتبطة بالخطوط، لا بالخط 23 ولا بالخط 29، إنما بالبحث في الحقول الموجودة في عمق البحر.

Email