تجاذبات داخلية وخارجية تربك خريطة طريق ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر الوضع السياسي الليبي بمرحلة من التجاذبات الداخلية والخارجية مع اتساع الأزمة الحكومية التي تنذر بالعودة إلى مربع الانقسام، فيما تتجه الأمم المتحدة وعواصم غربية لتجاهل التحولات الحاصلة بتركيز اهتمامها على ملف الانتخابات المرتقبة. 

وفي ظل استمرار حالة الغموض في طرابلس، وجهت المستـشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا سـتيفاني ولـيامز، رسالتين إلى رئاستي مجلسي النواب والدولة لدعوتهما إلى تسمية 6 ممثلين عن كل مجلس لتشكيل لجنة مشتركة مكرسة لوضع قاعدة دستورية توافقية، وقالت إنه «من المفترض أن تجتمع اللجنة المشتركة في 15 مارس تحت رعاية الأمم المتحدة وبمساع حميدة من جانبي بصفتي المستشارة الخاصة للأمين العام – للعمل لمدة أسبوعين لتحقيق هذا الهدف» وفق تعبيرها، 

وبحسب مراقبين، فإن مجلس النواب لم يبدِ أي حماس للرد على مقترح وليامز، لاعتبارات عدة منها تفسيره على أنه محاولة من عواصم غربية معينة لتهميش موقع الحكومة الجديدة التي يرأسها فتحي باشاغا، والتي نالت ثقة البرلمان ولم تحظ َبعد بفرصة التمكن من مباشرة مهامها بسبب عدم الاعتراف بها من قبل حكومة عبدالحميد الدبيبة والقوى الموالية لها.

وأبرز عضو لجنة خريطة الطريق المنبثقة عن مجلس النواب عيسى العريبي أن المجلس يرفض مقترح وليامز وهو غير معني به، ولديه خريطة طريق واضحة مضمنة في التعديل الدستوري، وينتظر أن تؤدي إلى انتخابات بجدول زمني واضح بعد 14 شهراً. 

وفي السياق، جددت دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة دعمها لما وصفتها بجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة من خلال مستشارة الأمين العام بشأن ليبيا ستيفاني وليامز لتسهيل الحوار بين الأطراف الليبية، ودعت الجهات الفاعلة السياسية والأمنية والاقتصادية، إلى التركيز على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات مصداقية وشفافة وشاملة في أقرب وقت ممكن من أجل تحقيق التطلعات الديمقراطية للشعب الليبي، كما شجعت ما وصفتهم بجميع أصحاب المصلحة الليبيين، بما في ذلك مجلسي النواب والدولة، على التعاون الكامل مع الجهود والخطوات التي اقترحتها الأمم المتحدة، من أجل إرساء أساس دستوري توافقي من شأنه أن يؤدي إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت ممكن.

وفي خطوة أخرى لمساندة المقترح الأممي، دعا الاتحاد الأوروبي إلى استئناف العملية السياسية التي يقودها الليبيون برعاية أممية، وأكد تأييده لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كل الجهات السياسية الفاعلة في ليبيا إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات تعمّق الانقسامات وتقوّض الاستقرار، ومساندته التامة لمبادرة وليامز.

وانعكس ذلك على موقف المجلس الرئاسي، حيث رحب رئيسه محمد المنفي بمبادرة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وأعلن تأييده إطلاق حوار سياسي يؤسس لإجراء انتخابات عامة على أساس دستوري متفق عليه، وهو ذات الموقف الذي عبّر عنه مجلس الدولة الاستشاري الخاضع لسيطرة الإسلام السياسي والذي تراجع مؤخراً عن توافقاته السابقة مع مجلس النواب. 

لكن أوساطاً ليبية داعمة للبرلمان ولحكومة فتحي باشاغا، وجهت انتقادات حادة للمستشارة وليامز، متهمة إياها بالتدخل غير المشروع في الخيارات الأساسية للشعب الليبي، وبالعمل على تهميش الحكومة الجديدة التي يرى مساندوها أنها أول حكومة تشكلت منذ 2011 دون تدخل خارجي، وهو ما ينذر بالدفع بالبلاد إلى العودة إلى مربع الانقسام السياسي.

Email