«مطحنة بريك» كنز أثري عمره 4 قرون

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين أزقة حارة الياسمينة في مدينة العراقة والأصالة نابلس بالضفة الغربية في فلسطين، تتربع «مطحنة بريك» مكان قديم الزمن، يحتوي بين زاوية وأخرى على أنواع مختلفة وعديدة من الأعشاب العطرية والطبية، كل زاوية في المطحنة تضم أصنافاً مختلفة، ففي تلك الواجهة يجذبك شكل هندسي رتبت فيه المئات من قطع الصابون النابلسي على شكل هرم بطريقة فنية هندسية متقنة، وهنا تعلق قلائد القطين، الباميا، البندورة، الفلفل، والليمون، في مشهد يعيد إلى أذهاننا صورة الجدات وهن يجففن الخضار والفواكه قديماً، المواد في المطحنة طبيعية من أصول عشبية كبرت وترعرعت على يد فلسطينية، وفي المطحنة يصنع منها الستيني باسل عبدالفتاح بريك، المدعو «أبو بهاء» أصنافاً غذائية وطبية مختلفة لتكون عنواناً للمنتج الفلسطيني. 

ورث أبو بهاء مهنة العطارة وصناعة التوابل والبهارات بأنواعها كافة أباً عن جد، ويعود تاريخ عائلته في هذه المهنة إلى ما قبل 80 عاماً. في العام 1990 قررت العائلة توسيع نطاق العمل، والبحث عن مكان أوسع، وقع الاختيار على مبنى يعود للحقبة العثمانية، ويربض فوق 7 آبار للمياه، كان المكان يستخدم لصناعة الصابون في تلك الحقبة الزمنية، وبعد عدة أشهر من الترميم، تحول المكان الذي كان يعج قبل 400 عام برائحة الصابون، إلى عطارة ومطحنة تعج برائحة التوابل والبهارات والقهوة وأكثر من 200 نوع من الأعشاب العطرية والطبية، وباتت مزاراً للسياح والضيوف. 

مهنة العطارة ليست حديثة العهد، بل هي مهنة متوارثة منذ القدم، يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ولقد ورثت المهنة عن والدي منذ كان عمري 15 عاماً، وحتى اليوم ما زلنا نحافظ على هذا الإرث وسنعلمه لأبنائنا وأحفادنا، يقول أبو بهاء لـ«البيان». 

لم تقتصر المطحنة على كونها مطحنة للبهارات والأعشاب والعطارة فقط، بل احتضنت بداخلها كثيراً من الأشياء التراثية، ففي إحدى زواياها كنز من الأثريات التي جمعها أبو بهاء على فترات طويلة من الزمن، ومن عدة مناطق مختلفة من بلاد الشام، فحبه للتراث الفلسطيني وشغفه بجمع القطع الأثرية النادرة، خاصة في مناطق بلاد الشام، واقتنائها، دفعه لربط مهنته وشغفه تحت سقف واحد، حتى باتت المطحنة متحفاً يحوي الكثير من قصص وأسرار وخبايا الماضي الجميل. 

وحسب أبو بهاء، يزور المطحنة العديد من السياح والوفود الأجنبية في كل عام، حيث يعتبرونها مكاناً يعبروا من خلاله إلى تاريخ مدينة نابلس وبلدتها القديمة، والجميع يبدي دهشته وإعجابه بجمال المطحنة وعراقتها وقدمها، بما تحويه من مقتنيات تاريخية تعود لمئات السنوات.

Email