لبنان.. سِباق محتدم بين عدّاد «كورونا» وبورصة الدولار

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة الملفات الثقيلة التي باتت أسماؤها معروفة، يقبع اللبنانيّون في خانة الانتظار حتى جلاء غبار المعارك السياسيّة العبثيّة، التي دفعت ببلدهم إلى مدار مفتوح على شتّى الاحتمالات. أمّا على المقلب الآخر من الصورة، فإنّ المناخ السائد يشي بمزيد من الانفلات المالي والاقتصادي، مع تحكّم الغرف السوداء بلعبة الدولار الذي تجاوز سعره الــ30 ألف ليرة، في موازاة الاستقالة الكاملة للطبقة القابضة على الدولة من أيّ مسؤولية يوجبها هذا «الإعدام» المتعمّد للعملة الوطنيّة وإفقار اللبنانيّين وتجويعهم و«إحراقهم» بنار الأسعار التي اشتعلت بشكل خطير في الساعات الأخيرة، فيما تداعياتها طالت رغيف الفقراء، العالق بين أصحاب الأفران وتسعيرة وزارة الاقتصاد، كما المحروقات ومتفرّعاتها من مستلزمات البقاء على قيْد الحياة.

على أنّ ما هو أخطر من كلّ ذلك هو الوضع الوبائي، الذي بلغ مرحلة قياسيّة في عدد الإصابات بفيروس كورونا، جلّها من المتحوّر الجديد، حيث لامس العدد عتبة الــ6 آلاف، بحسب أرقام وزارة الصحة، فيما أكّدت مصادر صحيّة لـ«البيان»، وعلى ما تشير الوقائع التي تسارعت في الساعات الأخيرة، أنّ العدد أكبر من ذلك بكثير، وهو أمر بات يستوجب أكثر من إعلان حالة طوارئ صحيّة.

مظلات هبوط
وفي ضوء هذين المشهدين، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ الأجواء الانقساميّة السائدة على مستوى السلطة، أو على مستوى القوى السياسيّة المتناحرة، ستزيد من تفاقم الأزمة الاقتصاديّة والماليّة أكثر فأكثر، بدليل مواصلة الدولار الأمريكي ارتفاعه البهلواني، من دون إعطاء «ضحاياه» أيّ «مظلات» تعينهم على هبوط آمن أو أقلّه محدود الخسائر، إذْ لا البطاقة التمويليّة أصبحت جاهزة، ولا الحدّ الأدنى للأجور ارتفع، ولا الأسواق «الفالتة» تخضع للرقابة والضبْط لحماية المستهلك من جشع بعض التجّار، ولا الودائع المصرفيّة المحتجزة تحرّرت، ولا الحكومة قادرة على الاجتماع، بحيث صار اللبناني «المتروك» يواجه يوميّاته باللحم الحيّ، في حين أنّ المسؤولين عنه وأمامه يخوضون معارك كسْر عظم حول أجندة منفصلة عن هموم الناس واهتماماتهم، مع ما يعنيه الأمر من التعجيل في تعميم الفوضى وحصول الانفجار الاجتماعي الذي يجري التحذير منه منذ فترة. كما أنّ الأجواء الانقساميّة ستحول دون تمكّن الحكومة من تحقيق أيّ إنجاز ملموس في إطار خطّة التعافي وغيرها، في وقت لا يزال عدّاد الإصابات بـ«كورونا» يسجّل أرقاماً قياسيّة في الإصابات والوفيّات. أمّا البلد المنهار، فيعيش مرحلة، عنوانها المسرح المتنقّل، كلّ يؤدّي دوره على خشبته، بشدّ عصب التجييش وبحشد الغرائز الطائفيّة وشحْذ الأسلحة المذهبيّة لزوم الفترة الفاصلة عن استحقاق الانتخابات النيابيّة في مايو المقبل!.

 

Email