هل تُنجب التجربة التونسية نخباً سياسية جديدة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتجه عدد من السياسيين التونسيين إلى اعتزال العمل العام، في ظل التحولات التي تشهدها البلاد، فيما يجد آخرون أنفسهم مدفوعين إلى الاعتراف بالواقع الجديد، الذي قطع أمامهم الطريق منذ أن أعلن الرئيس قيس سعيّد عن التدابير الاستثنائية في 25 يوليو الماضي، بما مثّلته من تغيير تام للتوازنات السياسية واستبعاد للفاعلين السياسيين البارزين خلال السنوات العشر الماضية، الأمر الذي أكده محللون لـ«البيان»، معتبرين أن ما بعد 25 يوليو ليس كما قبله.

وتشير أوساط تونسية إلى أن المشهد السياسي العام يشهد تحولاً جذرياً، ما سيجعله يفرز نخباً سياسية جديدة، ضمن سياقات مختلفة عما قبل 25 يوليو الماضي، ولا سيما بعد انهيار مشروع الإسلام السياسي وتراجع أغلب القوى.

ووفق تلك الأوساط، فإن المنافسة الفعلية التي تدور حالياً إنما تجري بين التيار الإصلاحي، الذي يتزعمه الرئيس سعيّد، والذي لم يعلن رسمياً عن اسمه وصفته التنظيمية، والحزب الدستوري الحر، بزعامة عبير موسي ويحتل صدارة نوايا التصويت في أية انتخابات برلمانية مقبلة.

عودة للوظائف

رئيس كتلة الإصلاح الوطني بالبرلمان المجمّد، والقيادي السابق بحزب مشروع تونس، حسونة الناصفي يرى أن عدداً كبيراً من النواب المتحدرين من وظائف حكومية عادوا إلى وظائفهم الأصلية، بعدما ظلوا في وضعية معلقة منذ 25 يوليو.

وأكد أنه باشر منذ 15 ديسمبر الماضي عمله بالمؤسسة الحكومية، التي كان ينتمي إليها رفقة نواب آخرين، بينهم النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي، والنائبان حاتم المانسي وطارق إبراهيمي وغيرهم.

وقال الناصفي إنه تقدم بطلبه في هذا الاتجاه في أوائل نوفمبر الماضي، وتلقى الرد بالموافقة في منتصف ديسمبر الماضي.

وأوضح المحلل السياسي التونسي منذر ثابت لـ«البيان» أن الفترة المقبلة تتجه لإفراز نخب سياسية جديدة، تنسجم مع خيارات وتطلعات الجمهورية الثالثة، وما قد تعرفه البلاد من أحداث، سواء ضمن حركة الإصلاحات التي يقودها الرئيس سعيد، وما ستفرضه المنعطفات الأساسية للواقع.

اجتثاث الوهم

وتابع ثابت: إن كل المعطيات تشير إلى فشل ذريع منيت به النخب السياسية بعد 2011، ليس في تونس فقط، وإنما في كل دول ما تسمى «الربيع العربي»، وذلك بسبب محاولتها القفز فوق مقومات الدولة الوطنية وشروط العلاقة مع القواعد الشعبية، التي لا تزال متمسكة برؤيتها المحافظة للعلاقة مع الدولة كغطاء غير قابل للإلغاء أو الاستبعاد.

وبحسب المحلل السياسي أبوبكر الصغير فإن هناك نخباً سياسية جديدة ستفرزها المرحلة المقبلة، تعبيراً عن تحوّل كبير في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وقال الصغير لـ«البيان»: إن تونس تحتاج بالفعل إلى نخب جديدة غير مرتبطة بأية مشاريع أو أيديولوجيات مستوردة أو وافدة أو عابرة للحدود، وإنما تتخذ شرعيتها من ثوابت انتمائها الوطني، مردفاً: إن مشروع الإسلام السياسي انتهى، وإن ما قام به الرئيس سعيد هو المبادرة باجتثاث الوهم والتعجيل بإتمام الإعلان عن ذلك.

Email