لبنان.. السلطتان التشريعية والتنفيذية في دوامة صفقة للتسوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة الملفات الثقيلة التي باتت أسماؤها معروفة، يقبع اللبنانيون في خانة الانتظار حتى جلاء غبار المعارك السياسية العبثية. أما على المقلب الآخر من الصورة، وعلى أكثر من جبهة، فيسود التناحر بين أهل الأكثرية الحاكمة في لبنان، فرضاً لتوازن المصالح والمكاسب في ميزان الربح والخسارة، حكومياً ونيابياً وقضائياً، مع ما يقتضيه ذلك من مناوشات وتجاذبات وتصعيد في المواقف ورفع للسقوف، توصّلاً في نهاية المطاف إلى صيغ تسووية تتبادل الأدوار والمغانم، ويخرج فيها الجانبان بأقصى ما يستطيعان من مكتسبات.

وفي ظلّ التصعيد السياسي القائم بين مختلف الأفرقاء، بطابعيْه الداخلي والخارجي، شهدت الساعات القليلة الماضية عودة الحديث في الكواليس السياسيّة عن صفقة جديدة، إنّما بحدود ضيّقة، عنوانها فتْح دورة hستثنائيّة لمجلس النوّاب، مقابل توجيه الدعوة لعقد مجلس الوزراء، المعطّل منذ نحو 100 يوم.

حساب وسيناريو
وفي جرْدة حساب سريعة، وغداة انتهاء العقد العادي للمجلس النيابي في 31 ديسمبر الفائت، تجدر الإشارة الى أنّ رئيس المجلس نبيه برّي مصمّم على عقد دورة استثنائية، الأمر الذي كان يرفضه الرئيس ميشيل عون، مع إصراره على عقْد جلسات لمجلس الوزراء. لذلك، لجأ برّي إلى التلويح بجمْع تواقيع أكثريّة النوّاب لفتح الدورة الاستثنائيّة، كخيار دستوري يُلزم عون به. وبحال حدث هذا، يكون عون قد خسر. ومن هنا، أعيد البحث عن توقيع عون لدورة استثنائيّة، من خلال اللقاء الذي جمعه أمس برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي لا يزال على تريّثه في الدعوة إلى عقد جلسة للحكومة.

وفيما لا وضوح حتى الآن، إذا ما كان هناك اتفاق شامل قد تحقّق، أم أنّ ما يجري يندرج في سياق «الهروب إلى الأمام»، تردّدت معلومات مفادها وجود سيناريو آخر ممكن أن يحصل، وهو توقيع عون على فتح دورة استثنائيّة لمجلس النواب، تليه دعوة ميقاتي لجلسة للحكومة تحت عنوان دراسة الموازنة العامّة ومناقشتها. ولكوْن وزراء «أمل» و«حزب الله» لا يزالان على موقفهما الرافض لحضور أيّ جلسة للحكومة قبل البتّ بقضيّة المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فإنّ السيناريو المطروح يقضي بإعلان رئيس الحكومة رفع الجلسة، لعدم ميثاقيتها. وبذلك، تكون الدورة الاستثنائيّة قد فُتحت، فيما ميقاتي دعا إلى مجلس وزراء لا يكتمل انعقاده بسبب غياب وزراء الثنائي.

وما بين المشهديْن، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّ البحث عن سبل لإعادة إطلاق عجلة الدولة صار بحثاً خارج السياقات. ذلك أنّ المنظومة السياسيّة تصنع التعطيل وتفتعل التخريب، بما هما سبب وجودها وحجّتها للبقاء في السلطة، ومن هنا سعيها الدؤوب الى تعطيل الإنتخابات النيابيّة في 15 مايو المقبل، لأنّ في تعطيل هذا الإستحقاق البنيوي يستمرّ مجلس النواب ويُمدّد له، ويستمرّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصره ويمدّد لنفسه بعد انتهاء الولاية في 31 أكتوبر من العام الجاري، فيما تدخل الحكومة في مرحلة لا متناهية من تصريف الأعمال.

 

Email