لبنان.. «حرب باردة» بين تيار عون و«حزب الله»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالأمس القريب، أطلّ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون على اللبنانيين برسالة تضمّنت كشفاً لحساب اتهامي لما وصفه بـ«المنظومة»، على مدى 15 عاماً، التي حمّلها وحدها مسؤولية الانهيار الحاصل في البلد، متجنباً في الوقت عينه تسمية أشخاص هذه المنظومة، وعازياً صمته للحؤول دون «زيادة المشكلة تعقيداً».

ووسط مشهد الانهيار، وجّه عون الدعوة لحوار عاجل، من أجل التفاهم على 3 مسائل، وهي اللامركزيّة الإداريّة والماليّة الموسّعة، والاستراتيجيّة الدفاعيّة لحماية لبنان، وخطّة التعافي المالي والاقتصادي. وهكذا، انتهى عون، في آخر أيام حكمه الحافلة بالتناقضات، والتي تنتهي في 31 أكتوبر المقبل، إلى طرْح عناوين سياديّة وإشكاليّة، في محاولة لقلْب الطاولة في وجه حلفائه قبل الخصوم، وفي طليعتهم «حزب الله» الذي خصّه بـ«هزّة عصا» تجاه سلاحه، من خلال «نفْض الغبار» الرئاسي عن ملفّ الاستراتيجية الدفاعيّة.

وأوّل من أمس، ووسط معالم تصاعد الاحتقان السياسي داخل السلطة، وفي اتجاهات مختلفة، ولا سيّما بين رئيس الجمهورية وتيّاره من جهة، وحليفه «حزب الله» من جهة ثانية، اختار رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل افتتاح ثاني ‏أيام السنة الجديدة بإثارة الغبار السياسي في اتجاهات متعدّدة، حاسماً خياراته للمرحلة المفصليّة المقبلة، ضمن إطار «استراتيجيّة» ثلاثيّة الأبعاد، سياسياً وانتخابياً ورئاسياً، تقوم على ‏‏«استجداء» ‏العطف والاحتضان من قيادة «حزب الله»، وتحميلها واجباً أخلاقياً بانتشال تيّاره ‏من أزمته المسيحية والسياسية والشعبية، علماً أنّ باسيل شنّ هجوماً على «حزب الله» بشكل غير مسبوق، من خلال تحميله معظم الفشل السياسي، وصولاً إلى التلويح بفكّ الشراكة معه.

وبما يشبه جرْدة حساب بالخدمات السياسيّة التي قدّمها لــ«حزب الله»، ذكّر باسيل بأنّ توقيع ‏‏«تفاهم مار مخايل» أتى منعاً لعزْل الحزب، مروراً بالوقوف معه «في الشارع» على مدى سنتيْن ضدّ حكومة فؤاد السنيورة، وعمله على إحباط كلّ محاولات عزْل الحزب، و«آخر موجاتها كانت ‏في 17 أكتوبر عام 2019، بهدف رفع الغطاء المسيحي عنه»، على حدّ تعبيره، فضلاً عن تعرّضه لعقوبات أمريكيّة بسبب ‏رفضه فكّ الارتباط مع «حزب الله»، وصولاً إلى الاصطفاف العلني مع «حزب الله» في ‏معركة «الطيّونة» في مواجهة «عيْن الرمّانة»، ليخلص إلى تلميح بأنّ وقت تحصيل «الغلّة» قد حان، سياسياً وانتخابياً.. و(ما بقى فينا نكمّل هيك)»، وفق قوله.

‎وثمة من يرى أنّ مغالاة باسيل في الحديث عن الأثمان التي تكبّدها تيّاره مقابل تغطية «حزب الله» وصلت إلى حدود لافتة، وصفتها أوساط لـ«البيان» ‏بأنّها «ابتزاز مكشوف» من خلال تخيير الحزب بين منْع انهيار «تفاهم مار مخايل» والتحالف الوثيق ‏بين الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مع ما يعنيه الأمر من ترقّب مآل «تفاهم مار مخايل»، الذي كان أرسى دعائم التحالف بين الطرفيْن في 6 فبراير 2006.

Email