2021 عام سقوط الإخوان في تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تودع تونس العام 2021 بما سجّله من تحوّلات مصيرية سيكون لها أثرها الكبير على مجريات الأحداث خلال السنوات والعقود القادمة. وإذا كان 2011 شهد الإطاحة بنظام قاد مسيرة الحكم منذ استقلال البلاد في العام 1956 على يد الرئيس المؤسس الحبيب بورقيبة ثم خليفته زين العابدين بن علي، والدفع بتونس نحو الجمهورية الثانية بإلغاء العمل بدستور الجمهورية الأولى والتصديق على دستور 2014 الذي كان لتيار الإسلام السياسي الدور الأبرز في تحبيره، فإن العام 2021 فسح المجال أمام الجمهورية الثالثة التي بدأت إرهاصات تأسيسها بإعلان التدابير الاستثنائية المقررة من قبل الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.

وعرف العام الآيل للرحيل أزمة سياسية حادة، عندما رفض الرئيس قيس سعيّد استقبال 11 وزيراً حصلوا على ثقة البرلمان في السادس والعشرين من يناير 2021، لأداء اليمين الدستورية أمامه، وذلك بسبب شبهات فساد تلاحق عدداً منهم، وكنتيجة كمعركة كسر العظام التي كانت قائمة بين مؤسسة الرئاسة من جهة والتحالف بين رئاستي الحكومة والبرلمان تحت غطاء الحزام السياسي بقيادة حركة النهضة.

 

مشروع التمكين 

أدى ذلك الوضع إلى تفكك في مؤسسات الدولة، ما تسبب في تأزم الوضع الصحي بشكل غير مسبوق، حتى تجاوز عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا حدود الـ 25 ألف حالة، ودخلت البلاد في مرحلة التحذير من حالة الانهيار السياسي وبلوغ مرحلة الإفلاس المالي، وهو ما وفّر الأسباب اللازمة ليتخذ سعيّد جملة التدابير الاستثنائية ضمن ما اعتبرها مناصروه حركة تصحيحية.

وشهد العام 2021 نهاية دراماتيكية لحكم الإخوان في تونس، عندما قرر سعيّد تعليق صلاحيات البرلمان، ورفع الحصانة البرلمانية عن النواب، وأنهى دور راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية كرئيس للبرلمان، وحجب عنه جميع امتيازاته، وذلك بالتزامن مع حل الحكومة التي كان يرأسها حليف الإخوان هشام المشيشي، والدخول في مرحلة جديدة وهي تفكيك مشروع التمكين في مؤسسات الدولة ومنها بالخصوص وزارة الداخلية والأجهزة السيادية التي طالما سعت حركة النهضة لاختراقها من الداخل والتحكم في مفاصلها.

 

تحت الهدوء

ويرى مراقبون أن مشروع تفكيك آليات التمكين الإخواني انطلق قبل خمسة أشهر في حالة من الهدوء التام، وبخاصة في قطاعات الأمن والمخابرات والقضاء والاتصالات والمالية والمؤسسة الدبلوماسية، وأن سعيّد يعتمد على المزيد من الوقت لتطهير جميع مفاصل الدولة من النتوءات الإخوانية ومن مراكز نفوذ تيار الإسلام السياسي والقوى المتحالفة معه وعلى رأسها تلك المتصلة بالفساد المالي والإداري والتي تحولت إلى جماعات ضغط قوية خلال حكم «الإخوان». 

وخلال 2021، واجهت حركة النهضة تفككاً داخلياً، إذ استقال العشرات من قياداتها التاريخية وأعضاء مجلس الشورى والكتلة البرلمانية للحركة، وكان من المستقيلين نائب رئيس الحركة عبد اللطيف المكي والناطق الرسمي باسمها عماد الخميري، وهو ما ضرب التنظيم الإخواني في تونس بمقتل ودفع به إلى مزيد من العزلة، وجعل قرار استبعاده من المشهد السياسي مرحّباً به في الداخل ومقبولاً في الخارج.

Email