تقارير « البيان»

السودان.. واقع سياسي معقد ومبادرات تبحث عن حل

ت + ت - الحجم الطبيعي

واقع السودان يزداد تعقيداً مع كل يوم جديد، وحالة الانسداد السياسي، التي تعيشها البلاد لأشهر تكاد تفتح الباب أمام كل الاحتمالات، مع استمرار الاحتجاجات الرافضة لقرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، وارتفاع سقف مطالبها بتنحي العسكريين عن سدة قيادة الفترة الانتقالية، وترك السلطة السياسية كاملة لحكومة مدنية، تقودها كفاءات وطنية لحين إجراء الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في اختيار طاقم حكومته، بسبب الضغوط الكثيفة، من قبل القوى السياسية المبعدة عن السلطة بناء على قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، ورغم أن حمدوك أكد في أعقاب توقيعه على الاتفاق السياسي مع قائد الجيش في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي، أنه سيشكل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة في غضون أيام قليلة، غير أن تأكيداته تلك اصطدمت بـ«متاريس» مواقف القوى السياسية المتنافرة.

وبعد مواجهته صعوبة في استعادة التوافق لحاضنته القديمة (قوى الحرية والتغيير)، اضطر حمدوك إلى التلويح باستقالته من المنصب، لا سيما أن تمترس أطراف عملية السلام، ممثلة في الفصائل المسلّحة الموقعة على السلام ورفضها المساس بحصتها في الجهاز التنفيذي، مثل عامل ضغط إضافياً حال دون تشكيل حمدوك لحكومته الجديدة، التي اشترط في اتفاقه مع رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أن تكون حكومة كفاءات مستقلة وفقاً لما ورد في الوثيقة الدستورية.

سقوف واقعية

وعلى الرغم من تصاعد وتيرة الاحتجاجات، ثمة من يرى أن حالة الاحتجاج لن تستمر إلى ما لا نهاية، ولا بد من وضع سقوف واقعية للمطالب، التي يرفعها المتظاهرون، وذلك باعتبار أن شعار (لا شراكة لا تفاوض ولا مساومة)، الذي يرفعه المحتجون شعار صفري سيقود البلاد إلى ذات مربع ما قبل سقوط الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث كان الشعار حينها (تسقط بس)، وعندما سقط البشير لم تكن هناك رؤية موحدة لإدارة البلاد.

ويرى مراقبون ضرورة أن يكون هناك برنامج موحد، يقود البلاد إلى الانتخابات بطريقة سلسلة ويجنبها الانهيار الكامل، وذلك من خلال البناء على الاتفاق السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك باعتباره الخيار الأفضل المتاح، مع مراعاة أن يتم تعديل الاتفاق ليستوعب كل مكونات الساحة السياسية لا سيما تلك التي تقود الاحتجاجات في الشارع مثل لجان المقاومة والأجسام المهنية الأخرى.

وفي خضم تعقيدات المشهد السياسي، قدم حزب الأمة القومي، مبادرة خريطة طريق لكسر حالة الجمود وإيجاد مخرج للأزمة. وقال مصدر قيادي بالحزب في تصريحات لـ«البيان»، إن مبادرة حزبه تقوم على بناء رؤية وطنية متوافق عليها تحقق الأجندة الوطنية، وتجنب السودان الانزلاق في أتون الفوضى والتشظي والمعادلات الصفرية. وأكد القيادي، أن حزبه سيطرح مبادرته، التي تهدف لتأمين الاستقرار السياسي على كافة قوى الثورة للتوافق بشأنها، وذلك بغية استكمال بناء مؤسسات الدولة ومواجهة تحديات المرحلة الانتقالية.

Email