مدرس يمني يتخذ من حرفة الطفولة منفذاً للحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

حولت الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في اليمن والانهيار الاقتصادي وتوقف رواتب العاملين في الوظيفة العامة أستاذ مادة اللغة العربية إلى فني محترف في تشكيل الألمنيوم، وبات الأربعيني علي أحمد الحماطي، الذي كان من ذوي الدخل المحدود، واحداً من ملاك المشاريع الخاصة الناجحة، متغلباً على نتائج الصراع التي جعلت اكثر من 20 مليوناً يعيشون على المساعدات ودفعت لأكثر من 200 ألف معلم إلى ترك المدارس والبحث عن مصادر أخرى للعيش. 

20 عاماً قضاها الحماطي كمعلم للغة العربية، وكرس جل وقته لطلابه، حيث يغطي الدروس صباحاً في المدرسة ويقضي نصف نهاره في المراجعة وتحضير دروس اليوم التالي ويأمل في بناء جيل جديد أفضل من جيله، إلا أن انزلاق البلاد نحو الصراع جعله وما ترتب عليه من توقف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي أجبرته مثل عشرات الآلاف من المعلمين على البحث عن مصدر للدخل بعيداً عن سلك التعليم والوظيفة الحكومية، فقرر ترك مهنة التعليم والعودة للعمل في حرفة تسميد الألمنيوم وهي الحرفة التي اتقنها قبل إتمام دراسته الجامعية والعمل في سلك التعليم.

في إحدى مديريات محافظة البيضاء الواقعة في وسط اليمن يسكن الحماطي الذي يعول زوجته وطفلاً وأربعة من إخوته، إذ إنه وبعد أن انقطعت رواتبه كغيره من المعلمين، فعاد مفتشآ عن مورد مالي آخر يلبي احتياجات أسرته، إلا أن حظه قد يكون الأفضل من غيره ممن تركوا وظائفهم ولم يجدوا بديلاً لها، فبعد نقاش دار بينه وبين عائلته حول شراء حافلة صغيرة للعمل عليها أو فتح دكان، تذكر حرفة قديمة كان قد تعلمها عندما التحق سابقاً في معاهد التدريب الفني والمهني وهي حرفة تشكيل الألمنيوم.

لم يكن افتتاح ورشة خاصة بتشكيل الألمنيوم ضمن مخططاته ولا ضمن طموحات عائلته إلا أن الأزمة التي عصفت بجميع الموظفين ودفعتهم للبحث عن مصدر آخر للكسب والعيش، جعلته يختار هذا الطريق بدعم من زوجته وأحد أصدقائه الذي اقرضه مبلغاً من المال، من أجل افتتاح ورشته المتواضعة وقام وتولى ومعه عدد محدود من العمال العمل بها ليشق بذلك طريقه بخطى متواضعة قادته للنجاح حالياً.

ووفق الحماطي فقد كانت عائلته والمجتمع أكثر الداعمين له في مشروعه الجديد وبعدد بسيط من العمال والكثير من الطموح والأمل صارت الورشة اليوم واحدة من أهم الورش المتخصصة في تشكيل الألمنيوم في محافظة البيضاء وفي المحافظات القريبة لها، والآن الطلبات باتت أكثر من القدرة الإنتاجية فقد اضطر لزيادة عدد العمال، بعد أن تجاوز الكثير من العقبات التي اعترضت المشروع بعزيمة ومساندة من زوجته التي كانت في كل مرة تبيع جزءاً من حُليها ليقف مرة أخرى على قدميه، ويعود العمل في الورشة بكل ثبات.

كان الخوف من الخسارة والفشل حاضرين في كل خطوات المشروع إلا أنه استطاع التغلب عليها بخبرته وقدراته، واستطاع بوقت قصير التعلم من الأخطاء وتطوير مشروعه الخاص. وبواقع جديد يحاكي طموحات الأمس، يستقبل الرجل يومه الجديد بقليل من الغبن يجبره الكثير من النجاح، يتناول وجبة إفطاره ويغادر منزله إلى ورشته، يقف بثبات بين عماله يعلمهم ويتعلم منهم.

Email