لبنان.. أزمة بلا أفق وحكومة في ظلال «تصريف أعمال»

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط ضبابية الأفق التي تلف المشهد، انتهى أسبوع آخر من دوامة التعطيل الحكومي في لبنان، وما من أمل بعد في عودة انعقاد مجلس الوزراء على المدى القريب، مع ما يعنيه الأمر من كوْن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تبقى حكومة تصريف أعمال مقنّعة.

ويسود الارتباك المشهد السياسي، في ظل واقع يفتقد مقومات الدولة الحقيقية، فيما تتخبط الحكومة منذ أكثر من شهر في شلل لا تجد إلى الخروج منه سبيلاً، بفعل التعطيل الذي عاد يعصف بالمؤسسات، والناجم عن سياسات الابتزاز السياسي، ما يجعل من الحكومة مجرد شاهد على ما يجري.

وفيما لا يبدو الانسداد الحكومي على موعد مع انفراج وشيك، بفعْل تمسك رئيس الحكومة باستقالة أو إقالة، وزير الإعلام جورج قرداحي، التي يرفضها حزب الله، ويمعن في الوقت نفسه في تعطيل مجلس الوزراء، ورغبة حزب الله وحركة أمل في تنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار.

ويثير المضي في تعطيل الحكومة أصداءً لا تقف عند الساحة الداخلية، كان آخرها إشادة وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن بخطة ميقاتي، والتي شكّلت مؤشراً لافتاً جديداً لجهة الدعم الأمريكي للحكومة، وتأكيده أنّ لدى ميقاتي خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام.

ارتداد تداعيات

وفي الانتظار، بدا واضحاً أنّ تداعيات الانسداد في معالجة الأزمة ارتدت على البيت الحكومي، وباتت تتهدّد الحكومة بمزيد من الشلل والعلاقات بين شركائها بمزيد من التباينات والانقسامات. ويبدو لبنان الرسمي متخبطاً في تداعيات لمسار تصعيدي مزدوج، خارجي مع انعكاسات العاصفة الخليجية، وداخلي مع انعكاسات الأزمة الحكومية الناشئة.

ولا يزال حزب الله يعطل عربة حكومة «معاً للإنقاذ»، بما فرضه من تجميد لمسار العمل الحكومي، رداً على عدم امتثال ميقاتي للشروط التي وضعها على طاولة مجلس الوزراء، سواء لإصراره على إزاحة المحقق العدلي في جريمة المرفأ، القاضي طارق البيطار من مهمته، أو لإصراره على عدم استقالة أو إقالة وزير الإعلام من منصبه.

ولا يزال رئيس الحكومة، وفق تأكيد أوساطه لـ«البيان»، على موقفه الرافض لخضوع الحكومة لسياسة الابتزاز والتهديد. وما بين المشهديْن، لا وجود لحكومة، بل شبه حكومة ووزراء يجتمعون فردياً، ورئيس حكومة استعاض عن اجتماع الحكومة بلجان وزارية واجتماعات جانبية.

أزمة

وعلى وقع الأجواء الحكومية الغامضة، تتلاحق التطوّرات وتتنوّع المواقف حيناً وتتناقض أحياناً، إلّا أنّ الأزمة ما تزال تراوح مكانها، ربما انتظاراً لتبلور معطيات إقليمية - دولية، حتى تنفرج أو تنفجر تبعاً لما ستكون عليه طبيعة هذه المعطيات.

وثمة إجماع على أنّ كل المعطيات تشير لتمسك المجتمع الدولي بحكومة ميقاتي، رغم خطورة الأزمات والملفات التي تتصدى لها، وإنْ بغياب أي معالم واضحة لاحتواء تداعيات ملف قرداحي في ظل التخبّط اللبناني المكشوف في اتّخاذ أي خطوة تتجاوز إطار الكلام والوعود وإبداء النوايا الطيبة، لا سيّما بعد الموقف اللافت لوزير الخارجية السعودي، الذي طالب الطبقة السياسيّة اللبنانية باتخاذ ما يلزم من أجل تحرير لبنان من هيمنة حزب الله.

Email