الأزمة الحكومية في لبنان.. احتمالات وسيناريوهات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقفل الأسبوع الفائت على مشهد دخول لبنان في مرحلة طويلة من الانتظار الصعب نتيجة الأزمة التي تسببت بها تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي مع دول الخليج، فيما حكومته دخلت في وضع مربك، حيث بات من الصعب عليها أن تجتمع في المدى المنظور، في ضوء الأزمة الخطيرة الآخذة في التصاعد أكثر، أما في الجانب الآخر من الصورة، فترقّب لوصول الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي إلى بيروت، اليوم، في زيارة تهدف إلى تدخّل الجامعة العربية للبحث في ما يمكن فعله لتهدئة الأزمة بين لبنان والسعودية.

ووسط الانسداد الحكومي، وفي انتظار ما سترسو عليه صورة الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة مع الخليج العربي، يبدو المشهد الداخلي في ذروة القلق والإرباك على كل المستويات، فيما الطاقم السياسي قد وصل إلى طريق مسدود، متخبّطاً بعجزه عن ‏تجاوز أو مواجهة الضغوط الهائلة التي تطوّق لبنان من كل الجهات ‏الداخلية والخارجية، مع ما يعنيه الأمر من أن باب الاحتمالات السلبية بات مفتوحاً على مصراعيه.

احتمالان

وفي الانتظار أيضاً، بدا واضحاً أن تداعيات الانسداد في معالجة هذه الأزمة ارتدّت على البيت الحكومي، وباتت تتهدد الحكومة بمزيد من الشلل والعلاقات بين شركائها بمزيد من التباينات والانقسامات، وذلك، تحت وطأة احتمالين، كلاهما سلبي: الأول، تسليم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أو بالأحرى استسلامه، لواقع يحوّل الحكومة، التي بالكاد أقلعت عندما شلتها مقاطعة «الثنائي الشيعي»، إلى حكومة تصريف أعمال، في حال ارتضى التعايش طويلاً مع معادلة شلّ مجلس الوزراء والحؤول دون انعقاده، أما الاحتمال الثاني، فيتمثل بتصاعد الانقسامات إلى حدود تداعيات جديدة داخل الصف الحكومي، ربما تؤدي إلى استقالتها.

وفي ضوء هذين الاحتمالين، لعل المفارقة الناشئة عن كل المعطيات هي في تأكيدها أن لبنان الرسمي بات يتخبط في تداعيات مؤذية لمسار تصعيدي مزدوج: خارجي مع انعكاسات الخطوات التي اتخذتها الدول الخليجية، وداخلي مع انعكاسات الأزمة الحكومية الناشئة.

ووسط إشارات تتوالى، عن إجراءات عقابية أقسى، طفا على سطح المشهد السياسي التسليم بأن سبل المخارج والحلول باتت مقفلة بالكامل، في حين كشفت مصادر وزارية لـ«البيان» عن 3 سيناريوهات يجري التداول فيها بين المستويات السياسية، تتقاطع عند نقطة جوهرية مفادها أن ارتدادات القطيعة السعودية والخليجية مع لبنان شديدة الصعوبة عليه، أما السيناريوهات الـ3، فتبدأ بأن يستجيب وزير الإعلام جورج قرداحي لتمنيات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويبادر إلى تقديم استقالته، وتمرّ بتمسك قرداحي بموقفه الرافض للاستقالة، ما قد يكون سبباً لدفع رئيس الحكومة إلى الاستقالة، ووصولاً إلى إبقاء الحال على ما هو عليه، مع ما يعنيه الأمر من كوْن لبنان سيكون الخاسر الأكبر.

فرملة حكومة

وما بين حدَّي الاحتمالات والسيناريوهات، لا يزال «حزب الله» يفرمل عربة حكومة «معاً للإنقاذ»، فارضاً تجميد مسار العمل الحكومي، ردّاً على عدم امتثال الرئيس ميقاتي لأجندة الشروط التي وضعها على طاولة مجلس الوزراء، سواءً بالنسبة لإصراره على «قبْع» المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار من مهمته، أو بالنسبة لإصراره على «عدم قبْع» وزير الإعلام من منصبه، علماً أن عملية إطاحة البيطار تعثرت مبدئياً، فيما حمْل قرداحي على «تحكيم ضميره» فشل أيضاً، إذ هو ليس في وارد الاستقالة، كما أن إقالته ليست بالأمر السهل، وخصوصاً أنها تستلزم ثلثي مجلس الوزراء، وعليه، ارتفع منسوب التحذير من مصادرة «حزب الله» الدبلوماسية اللبنانية، مستغلاً «زحطة» الوزير قرداحي، مع ما يعنيه الأمر من عدم جواز التعاطي مع ما يحصل على أنه حدث عابر.

Email