لبنان على وشك السقوط في براثن العزلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوى العماد ميشال عون، خمس سنوات من عهده في رئاسة الجمهورية، وسط أكبر أزمة دبلوماسية يشهدها لبنان منذ عقود، في ظل التوتر مع دول مجلس التعاون الخليجي الذي تسببت به تصريحات لوزير الإعلام جورج قرداحي.

وعلى أعتاب السنة السادسة والأخيرة من العهد الحالي، العاصف بالخيبات والزلازل، الذي لا يُعرف بعد كيف سيُختم، وكيف سينجح التاريخ في روايات أحداثه، فإن ثمة إجماعاً داخلياً على أن مسؤولية عون من موقعه تكمن في الانسياق للاستتباع الإيراني الذي يقوده حزب الله، لترسو الصورة على مشهد حكومة لا تحكم، وانتخابات نيابية مهددة، وأحلام وراثة رئاسية تتحكم في توجهات القرار داخل تياره السياسي، فيما لم يعد ثمة من يفرمل المخاوف المتعاظمة من أن يغدو العام الأخير من العهد حمّال شؤم على البلاد في مداه الأقصى.

ورغم محاولات رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، على ضفاف المشهد السريالي، متلقّفاً كل الرشقات، ومحافظاً على سياسة النفس الطويل في محاولته السيْر قدماً نحو إصلاح ذات البيْن الحكومية مع الدول الشقيقة والصديقة، حل 26 من الجاري موعداً ليقلب المشهد رأساً على عقب وينذر بأنّ ما قبل هذا التاريخ لن يكون كما بعده: وصول العلاقات اللبنانية - السعودية لنقطة اللاعودة، انسداد الأفق العربي والخليجي أمام الحكومة، بعدما ثبت على أرض الواقع، وفق قول مصادر مطلعة لـ«البيان»، أنّها ستسقط عسكرياً تحت سطوة حزب الله نفطياً وقضائياً وأمنياً، وذلك من بوابة عواصف الغضب الخليجي الذي فجّرته تصريحات قرداحي، حملت سمة عدائية حيال الشرعية اليمنية والمملكة العربية السعودية خصوصاً، ما ينذر بعزْل لبنان تماماً هذه المرة عن علاقاته الخليجية.

وعلى توقيت نزيف السفراء والدبلوماسيين لم يجد رئيس الجمهورية مدخلاً لحل الأزمة القائمة سوى عبر دعوته لتوقيع اتفاقيات ثنائية بين لبنان والسعودية، في حين انتهى مشهد التخبط الحكومي على سيناريوهات مفتوحة على الاحتمالات كافة، بعدما بدا من ميوعة في التعاطي الرئاسي والحكومي أمام هوْل ما قد تستجرّه القطيعة الخليجيّة - العربيّة من ويلات على لبنان.

نجح ميقاتي في تلقف رشقات ناريّة أطلقتها بعض مكونات حكومته باتجاه الداخل والخارج، وإن ارتدّت عكسياً على الواقع الحكومي وأصابته إصابات بالغة أمام المجتمعيْن العربي والدولي، وذلك، بدءاً من الدخول الإيراني على خط الإمدادات النفطية، والذي أضفى على الواقع مشهداً متعدد الأبعاد سياسياً وسيادياً واستراتيجياً، اقتاده للدوران في المدار الإيراني العابر للحدود في مواجهة الخارج عربياً وغربياً، مروراً بالوصْمة التحاصصية التي صبغت تعيينات الحكومة وهشّمت صورتها الإصلاحية، وصولاً لمشهديّة «الطيّونة».

محاولات

لجأ ميقاتي لما يشبه الإسعافات الأوليّة لإعادة إنعاش حكومته التي لا تزال تسير مترنّحة منذ ولادتها، بياناً وتصريحاً، في إطار التنصل من تبعات مواقف قرداحي، إلا أنّ ذلك لم ينفع، وفق القراءات المتعدّدة، لكوْن ما جرى أجهز على كل الآمال المرتبطة باستعادة لبنان علاقاته العربية والخليجية.

وفي القراءات فإنّ التدهور السريع وبالغ الخطورة في وضع لبنان الدبلوماسي مع دول مجلس التعاون واليمن، لا تكفيه التصريحات المخدّرة والمهدّئة والتنصل من تبعات تصريحات قرداحي والتي لن تجدي نفعاً في تهدئة العاصفة، في ارتفاع لمنسوب المطالب باتخاذ إجراء يوازي حجم العاصفة ويمنع تدحرجها.

Email