بالتزامن مع تأكيد رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، أنّ حكومته لا تنوي الاستقالة، واضعاً ما يتردد في هذا الشأن في خانة البلبلة والتعمية على جهود الحكومة ورئيسها، يشهد لبنان أسبوعاً نيابياً انتخابياً وقضائياً بامتياز، إذ من المتوقع أن يُحسم خلاله قانون الانتخاب، ومصير المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي، طارق البيطار، في ضوء إصرار حزب الله وحركة أمل على تنحيته عن مهمته، فضلاً عن قضية أحداث الطيّونة والتحقيقات الجارية بشأنها أمام القضاء العسكري.

ومع ارتفاع منسوب المخاوف من كوْن لبنان بات في دوامة مرحلة مفصلية، بانتظار تبلور ما سينتج عنها، إما عن طريق إيجاد تسويات لا تنتج حلولاً جذرية، وإما أن تغرق البلاد في فوضى أكبر، لا تزال مؤشرات توظيف هذه الأحداث وتداعياتها السياسية تتصاعد في مسار، يُخشى أنّه بدأ يعطل عمل الحكومة، ويُنذر بتحويلها لحكومة تصريف أعمال موسّع. ويبدو كأنّ لبنان بهذا المعنى، واقف عند رصيف مرفأ بيروت ومستديرة الطيّونة لم يتحرّك، فيما الشلل يتمدّد ولا مؤشرات إلى حركة تُخرِج الواقع من هذه المراوحة، مع ما يعنيه الأمر من كوْن الأزمات التي كانت مطروحة قبل 14 من الجاري، على أمل البدْء بمعالجتها، ستبقى مجمدة حتى إشعار آخر.

ووسط تصاعد الأزمة السياسية، بأبعادها القضائيّة والأمنية وكل الحسابات التفصيلية، بما فيها ما يجب أن تشمله أي تسوية لمعالجة الملفات بين القوى المعنية، والتي تبدأ بالمواقف المتشنجة من التحقيق العدلي وإجراءات المحقق البيطار، ولا تنتهي بالحملات المتبادلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، تتجّه الأنظار إلى الجلسة التشريعية التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّري لانعقادها الخميس المقبل، للبحث في الملاحظات التي حملها رد رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، لقانون الانتخاب الذي أُقر في جلسة الأسبوع الماضي.

وفي الانتظار، رجّحت مصادر نيابية لـ «البيان»، تمسّك مجلس النواب مجدّداً بالتعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب وأقرتها الأكثرية في جلسة الأسبوع الماضي، ولم تساند فيها أي كتلة التيار الوطني الحر في موقفه من بعض التعديلات، فظهر وحيداً في الجلسة، قبل أن يرد عون القانون استناداً للملاحظات ذاتها التي عبّر عنها رئيس التيار النائب جبران باسيل في نهاية الجلسة.

توازنات

ولا تزال معالم التوازنات في قضية أحداث الطيّونة قائمة، بعدما وضع حزب الله نفسه في جبهة مواجهة لجبهة تتقدّم صفوفها القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع، من خلال مواقف نارية بالتصويب على نظرية تآمر "القوات" مع الخارج وجماعة السفارات، وصولاً إلى الاتهامات المباشرة لجعجع، ومطالبته بالاعتذار.

وأكدت مصادر مواكبة لمسار المستجدات الأخيرة على خط قضيتي تحقيقات الطيّونة وتحقيقات المرفأ لـ«البيان»، أنّ حزب الله يضع ثقله في سبيل فرْض توجهاته حيال القضيتيْن، بحيث تم تسريب معطيات تدعو إلى ترقب عناصر مخفية في القضية الأولى، تتماشى مع مضْبطة اتّهام حزب القوات اللبنانية، بالتوازي مع إبقاء حكومة ميقاتي مقيّدة رهن إنجاز تخريجة قضائيّة في القضية الثانية، يتمّ العمل عليها بشكل يسترضي حزب الله ويوصله إلى تحقيق هدفه المركزي في قبْع البيطار من منصبه.