حبل التشاؤم يلف رقبة لبنان المثقلة بالأزمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما يلفّ لبنان طوْق من الانتظار، إمّا أن يزنّره بجبهات مفتوحة على كلّ الاحتمالات السلبيّة، وإمّا أن يمهّد لتسويات على مناطق النزاع، أمنيّاً وقضائيّاً، وتالياً سياسيّاً، دارت المحرّكات الأمريكيّة في ملفّ ترسيم حدوده البحريّة مع إسرائيل، مع زيارة رئيس الوفد الأمريكي للمفاوضات غير المباشرة، آموس هوكشتاين، بيروت، ولقائه الرؤساء الثلاثة، في حين لا يزال الوضع الحكومي «عالقاً» في الوسط.

والكلام على حلّ للمشكلة القائمة، وعلى معاودة مجلس الوزراء اجتماعاته، لم يتبلور نهائياً بعد، بفعْل إصرار ثنائي «أمل» و«حزب الله»، على حلّ ما بات يُعرف بمشكلة القاضي طارق البيطار، قبل أيّ اجتماع. 

ومن خارج سياق الوقائع الدراميّة والسيناريوهات الدامية، حكوميّاً وسياسيّاً وقضائيّاً وأمنيّاً وميدانيّاً، عاد ملفّ ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة، ليتصدّر المشهد اللبناني، ويطفو على سطح الأحداث والمتابعات، بقوّة دفْع أمريكيّة متجدّدة، سعياً لإعادة تزخيم قنوات التفاوض المقطوعة بين لبنان وإسرائيل، منذ تعليق اجتماعات «الناقورة»، منذ 5 مايو الماضي، تحت وطأة التباين في رسْم الخطوط، والسقوف التفاوضيّة.

وعلى نيّة استكشاف الإمكانات المتاحة لتقريب المسافات وتبديد التباينات، باشر الوسيط الأمريكي الجديد، آموس هوكشتاين، بمهمّة إدارة دفّة التفاوض البحري غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، بجولة «جسّ نبض» في بيروت، مستطلعاً مدى الجاهزية والجديّة لدى المسؤولين اللبنانيّين، لاغتنام الوساطة الأمريكية السانحة، واقتناص فرصة التوصل إلى اتفاق حدودي، يتيح للبنان استثمار ثروته النفطية، وفق ما تردّد من معلومات.

ولا تزال الحكومة «غائبة» عن السمع، نتيجة التغييب القسري لاجتماعات مجلس الوزراء، تحت طائل تهديد «الثنائي الشيعي» بمقاطعة الجلسات، ورهْن استئناف العمل الحكومي بـ «قبْع» المحقّق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي طارق البيطار. ولذا، تشير المعطيات، إلى أنّه لن تكون هناك دعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، قبل الوصول إلى اتفاق يقضي بفصْل المسار القضائي عن المسار الحكومي، في أزمة سياسيّة- قضائيّة، عطّلت مجلس الوزراء.

وقد تنفجر فيه مجدّداً. وبناءً عليه، تردّدت معلومات، مفادها أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، طلب ضمانة من «الثنائي الشيعي»، بعدم تفجير الجلسة خلال انعقادها. فإذا كانت الأجواء إيجابيّة، يُدعى مجلس الوزراء إلى الاجتماع، من دون التطرّق إلى ملفّ القاضي البيطار من قريب أو من بعيد، وذلك على قاعدة ترْك ما للقضاء للقضاء، وما للسطة الإجرائية للسلطة الإجرائيّة.

أمّا على المقلب الآخر من الصورة، فيبدو كأنّ لبنان «واقف» عند «مستديرة الطيّونة»، ولم يتحرّك، فيما الشلل يتمدّد، ولا مؤشرات إلى حركة تُخرِج من هذه المراوحة، مع ما يعنيه الأمر من كوْن الأزمات التي كانت مطروحة قبل 14 من الجاري، على أمل البدْء بمعالجتها، ستبقى مجمّدة حتى إشعار آخر.

وتوازياً، برز على جبهة المعارضة، تصريحات تحذيريّة برسم رئيسَي الجمهورية ميشال عون، والحكومة نجيب ميقاتي، تضمّنت دعوات إلى تحمّل مسؤولياتهما في رفض الإذعان لترهيب «حزب الله».

وإلا في حال خضعت الحكومة لهذا الترهيب، فعليهم جميعاً الاستقالة فوراً. أمّا في مواجهة التهديد باللجوء إلى «أساليب أخرى»، لمحاولة إقصاء القاضي البيطار، فبرزت دعوات إلى الشعب اللبناني، ليكون مستعدّاً لإقفال عام شامل سلمي، في حال استمرّ الفريق الآخر في محاولات فرْض إرادته بالقوة.

Email