العراق بعد الانتخابات البرلمانية.. استقلالية القرار في مواجهة تصعيد الميليشيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

منيت الفصائل المقربة من إيران في العراق بخيبة أمل كبيرة فور الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي، لكن رغم ذلك فإن طهران لا تزال تتشبث بنفوذها في جارتها الغربية عبر تحركات حثيثة على مدار الأيام الأخيرة.

فيما يبدو وكأنه أول ردود فعل القوى السياسية والفصائل المسلحة المقربة من إيران على نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، أعلن عدد من قادة هذه القوى رفضهم المطلق للنتائج، وأكدوا سعيهم لفعل «كل شيء» لإلغائها.

وبحسب مراقبين للمشهد المتشابك، فإن الأمر قد يعني إن إيران والقوى المقربة منها ربما تبدأ مرحلة تصعيد في الداخل العراقي، لتجاوز نتائج الانتخابات البرلمانية التي قد تخرجها من السلطة تماماً.

وكانت النتائج الأولية شبه الرسمية للانتخابات التي جرت الأحد في العراق، أسفرت عن هزيمة مدوية للأحزاب والقوى والشخصيات التي تعتبر نفسها الأجنحة السياسية لميليشيات الحشد والتنظيمات الموالية لإيران، وكشفت تراجعاً كبيراً في مقاعد البرلمان التي حصلت عليها أذرع طهران، من دون حتى تحقيق الحد الأدنى الذي كانت تتوقعه.

تلقت الفصائل السياسية التابعة لميليشيات الحشد خسارة مؤلمة في الانتخابات، وخسرت عشرات المقاعد في البرلمان المقبل، فيما كان الفائز الأكبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

ووسّعت كتلة الصدر، وهي الأكبر بالفعل في البرلمان المؤلف من 329 مقعداً، قاعدة تمثيلها النيابي إلى 73 مقعداً، صعوداً من 54 في البرلمان السابق، فيما انهار تحالف الفتح المنافس الرئيسي لها منذ سنوات، الذي يضم فصائل مرتبطة بجماعات مسلحة موالية لطهران، بعد أن انكمشت رقعة تمثيلها النيابي إلى 14 مقعداً نزولاً من 48.

وتأتي تبعات فوز التيار الصدري، بالمركز الأول في تلك الانتخابات بـ 73 مقعداً، مكتسحاً أقرب منافسيه من القوى الشيعية السياسية، كأبرز ما يتصدر النقاش حالياً على الساحة العراقية، ويدور الحديث عن مدى تأثير ذلك الفوز، على استقلال القرار العراقي في المرحلة المقبلة، إذ عرف مقتدى الصدر دوماً، برفضه لتدخلات دول الجوار في الشأن العراقي.

ويعزز من فرص التيار الصدري بإحداث التغيير، تلك الخسارة التي منيت بها مجموعة الأحزاب الموالية لإيران، داخل البرلمان العراقي في الانتخابات الأخيرة، وتقول وكالة «أسوشيتد برس» في تقرير لها، إن تحالف الفتح خرج كأكبر خاسر في الانتخابات العراقية، ويتكون الائتلاف الذي يرأسه هادي العمري من عدة أحزاب، وهو على صلة بميليشيات الحشد.

ويعتبر مراقبون أن إيران، التي عرفت بأنها القوة الإقليمية، الأكثر تأثيراً ونفوذاً في السياسة العراقية عبر وكلاء، ستتضرر كثيراً بالخسارة التي مني بها حلفاؤها في تلك الانتخابات.

غير إن فوز التيار الصدري، بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان لن يتيح له تشكيل الحكومة منفرداً، إذ إنه يحتاج إلى الائتلاف مع قوى أخرى، ويحتاج الصدر إلى التحالف مع كتل أخرى لتحقيق الأغلبية البسيطة، أي 165 مقعداً في وقت يرى فيه مراقبون، أن توجه العراق نحو برلمان بلا أغلبية واضحة، سيؤدي إلى استمرار الانقسام في المشهد السياسي العراقي.

ويبدو لافتاً أيضاً من وجهة نظر مراقبين، التحدي الذي ستمثله القوى والوجوه السياسية الجديدة التي دخلت إلى البرلمان، مثل حركة «امتداد» المدنية، ويعتبر المراقبون أن تلك القوى، ستكون بمثابة «عنصر شغب» في البرلمان الجديد، إذ إنها دخلت إليه، مدعومة من جمهور مختلف، ومتبنية خطاباً مختلفاً هو أقرب إلى هموم الشارع.

في غضون ذلك، قال المتخصص في شؤون الفصائل الشيعية المسلحة في العراق بمعهد واشنطن حمدي مالك، إن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي «أنفق أموالاً طائلة على الحملات الانتخابية»، في إطار جهوده لحفظ الفوز بالانتخابات والإبقاء على نفوذ إيران.

كما قال مسؤول من منظمة موالية لإيران في العراق، إن أحد أسباب سوء نتائج تحالف فتح هو أن أنصاره حولوا ولاءهم ونقلوا أصواتهم إلى المالكي، معتبرين أنه «حصن أشد قوة في مواجهة الصدر».

يشار إلى أن التيار الصدري ووفق نتائج أولية فاز بـ 73 مقعداً في البرلمان، فيما حصلت كتلة تقدم، بزعامة محمد الحلبوسي، على 43 مقعداً، وفي المرتبة الثالثة حلت كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ37 مقعداً.

كلمات دالة:
  • الانتخابات البرلمانية،
  • العراق،
  • إيران
Email