لبنان واستشراف الرؤية الأمريكية للمرحلة المقبلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعد لبنان الرسمي لاستقبال وفد أمريكي رفيع، برئاسة نائبة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند، في إطار زيارة تشمل أيضاً روسيا وبريطانيا، فيما أهمية هذه الزيارة تكمن في أمرين: توقيتها وهوية المشاركين في الوفد.

فتوقيتاً، تأتي هذه الإطلالة غداة دخول إيراني قوي على الخط اللبناني، من خلال زيارة ‏وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأسبوع الماضي، مع ما تضمنه هذا الدخول من «طحشة» لافتة على قطاعي المحروقات والكهرباء.

أما على صعيد المشاركين، فإن الوفد المرافق لنولاند سيقتصر على كل من نائب مساعد وزير ‏الخارجية لشؤون الشرق الأوسط والتواصل مع سوريا ايثان ‏غولدريتش ونائب مساعد وزير الخزانة للشؤون الدولية إيريك ماير ‏وعدد من الإداريين.

أما المستشار الأول في وزارة الخارجية ‏لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، فسيغيب عن الوفد بقرار اتخذ قبل ‏ساعات على مغادرة الوفد واشنطن متوجهاً إلى موسكو، على ‏أن تكون له زيارة منفردة لبيروت في منتصف الأسبوع المقبل. ‏ومعروف أن هوكشتاين هو من سيكلف رئاسة الوفد الأمريكي الذي ‏يشارك في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان ‏وإسرائيل، في مقر قيادة قوات «اليونيفيل» في الناقورة.

وفي الانتظار، وحسب تأكيد مصادر متابعة لـ«البيان»، فإن لزيارتي نولاند وهوكشتاين هدفاً استطلاعياً، فيما سيحاول لبنان استشراف الرؤية الأمريكية للمرحلة المقبلة، في ضوء الكثير من التطوّرات التي تشهدها المنطقة.

أما ما سيركز المسؤولون اللبنانيون على محاولة فهمه، فهو حقيقة الموقف الأمريكي من التطبيع مع دمشق، وإمكانيّة منح استثناءات وإعفاءات من قانون «قيصر»، خصوصاً بعد اتفاق على استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا.

وبالتالي، ستكون الأحداث واللقاءات التي ستعقد هذا الأسبوع مؤشراً يبني عليه لبنان مواقفه للمرحلة المقبلة، ومحاولة لمعرفة مسار الأمور وتطوراتها واتجاهاتها، لتبني الحكومة تصورها، وهي التي تصطدم بعقبات كثيرة بسبب الخلافات بين مكوناتها، والتي يراهن كل طرف منها على اتجاه دولي وإقليمي يتعارض مع رهان الآخر.

وهكذا، تعد حكومة «معاً للإنقاذ» العدة لمحطة دبلوماسية بارزة، تتمثل في الإطلالة الأمريكية ‏الأولى على لبنان بعد تشكيل الحكومة الجديدة، من خلال زيارة وفد دبلوماسي بارز برئاسة ‏نولاند، التي ستبدأ جولة تشمل لبنان وروسيا ‏وبريطانيا. وعشية هذه الزيارة، ترددت معلومات مفادها أن محادثات المسؤولة الأمريكية في لبنان ستتم بين الأربعاء والخميس المقبلين.

وفي موازاة الزيارة الأمريكية، التي ستبحث في مواضيع المتابعة بين ‏البلدين، خصوصاً على صعيد إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر ‏سوريا والأردن لحل مشكلة الكهرباء، فإن الأجندة اللبنانية ستكون ‏حافلة هذا الأسبوع، بدءاً من جلسة لمجلس الوزراء اليوم، وصولاً ‏إلى التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت، التي يبدو أنها ستعلق ‏مجدداً فور تبلغ المحقق العدلي طارق بيطار دعوى كف يده عن ‏القضية، والمقدمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ومن ‏دون إغفال ترسيم الحدود والذهاب بخطة موحدة إلى صندوق النقد ‏الدولي.

وفي الانتظار، وفيما الحركة الدولية في اتجاه لبنان لا تهدأ، لا تزال التحديات تكبر أمام حكومة نجيب ميقاتي، مع عودة سعر ‏صرف الدولار إلى مستوياته المرتفعة السابقة، ودخول البلاد ‏في العتمة، وارتفاع أسعار المحروقات عشية فصل الشتاء وحاجة ‏الناس إلى التدفئة، مع الصعود الجنوني لكل أسعار السلع، ما يعني ‏أن اللبنانيين بأمس الحاجة إلى خطوات عملية ونتائج فورية، ‏على الرغم من أن المجتمع الدولي يعمل وفق توقيته والأجندة التي ‏يضعها ولا يتأثر بحسابات واعتبارات.

Email