19 أكتوبر ينقل «مرفأ بيروت» إلى فصل جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصل السلطة السياسيّة في لبنان معارك «الكرّ» في وجه القضاء و«الفرّ» من وجه العدالة، مجاهرةً بنواياها تجاه المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، في محاولة منها لطمْس الحقائق وتكريس سياسة «الإفلات من العقاب» في الجريمة. وبمعنى أدقّ، فإنّ محاولات محاصرة القاضي البيطار مستمرّة، وجديدها يُختصر بعنوانيْن: تقديم النائب نهاد المشنوق دعوى أمام محكمة التمييز الجزائيّة بسبب الارتياب المشروع، وتقديم النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر دعوى أخرى طالباً فيها بردّ القاضي البيطار عن القضيّة.

وهكذا، شنّ المُدّعى عليهم «هجمة مرتدة» على القاضي البيطار، لإعادة «كفّ يده»، بعد ردّ محكمة استئناف بيروت طلب ردّه، فلجأ النائبان المدّعى عليهما غازي زعيتر وعلي حسن خليل إلى محكمة التمييز المدنيّة لإعادة الكرّة والادّعاء عليه بدعوى «ردّ» أخرى، تستهدف رفع يده مجدّداً عن القضية بمجرّد تبلّغه مضمونها في الساعات المقبلة، ما يعني حكماً «تطيير» جلسات الاستجواب التي كان المحقّق العدلي قد حدّدها للاستماع إليهما قبيل انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب، بالإضافة إلى جلسة الاستماع إلى النائب نهاد المشنوق، الذي تولّى بدوره تقديم دعوى جديدة أمام محكمة التمييز الجزائيّة، طلباً لنقل ملفّ المرفأ إلى قاضٍ آخر بتهمة «الارتياب المشروع» به. وعليه، كلّف رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود القاضية جانيت حنا النظر في دعوى زعيتر وخليل، بينما أضيفت دعوى المشنوق إلى دعاوى الارتياب التي تنظر بها القاضية رندة كفوري.

وفيما الثلاثي النيابي المُستدعى إلى التحقيق حاصر المحقّق العدلي بطلبات ردّ جديدة، بعدما كان قد حدّد مواعيد جلسات استجوابهم الأسبوع المقبل، تجدر الإشارة إلى أنّ الأوساط السياسيّة والقانونيّة والقضائيّة كانت توقّعت تصاعد منسوب الحدّة في المواجهة قبل 19 من الجاري، موعد بدْء العقد العادي الثاني لمجلس النواب، بما يعيد بسْط حماية الحصانة النيابيّة على النواب المطلوبين للتحقيق أمام المحقق العدلي، إلا أنّ واقع المواجهة بدا كأنّه تجاوز المهلة المذكورة واستبقها، إذْ جاء ردّ النواب الثلاثة، ومعهم أيضاً الوزير السابق يوسف فنيانوس، بتقديم طلبات متزامنة أمام محكمة التمييز الجزائيّة لكفّ يد البيطار عن التحقيق، منسّقاً بين الأربعة، وأقلّه بين النواب الثلاثة. ومع أهميّة الدعوى الأولى، لكنّ الدعوى الثانية أخطر، لأنّها تمنع البيطار من مواصلة التحقيق بالقضية، ما يكسب النوّاب المُدّعى عليهم فرصة عدم المثول أمامه في فترة عدم توافر حصاناتهم من الآن وحتى 19 من الجاري، موعد عودة حصانتهم مع بدْء الدورة العادية لمجلس النوّاب.

وهكذا أيضاً، من جولة إلى أخرى في مواجهة قضائيّة - سياسيّة، باتت أقرب ما تكون إلى معركة ليّ أذرع أو كسْر عظم لا هوادة فيها، تصاعدت خلال الساعات الأخيرة حمّى المواجهة بين المحقّق العدلي في ملفّ جريمة انفجار مرفأ بيروت، والنواب الثلاثة، ما رسم مزيداً من الغموض المقلق حول مصير التحقيق، وإمكان إعادة تعليقه مجدّداً، في ظلّ التداعيات الحادّة والخطيرة لهذه المواجهة، وما يمكن أن تستنبطه بعد من تطوّرات، يُخشى أن تكون بالغة السلبيّة على تأخير التحقيق، وربّما تبديده.

وعليه، وبحسب تأكيد مصادر لـ«البيان»، فإنّ ما قبل 19 من الجاري لن يكون كما بعده، إذْ بعد هذا التاريخ ستعود الحصانات إلى قواعدها مع انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب، وقبل هذا التاريخ حوّل المُدّعى عليهم مذكرات التوقيف إلى «كرة» يتقاذفونها بين القوانين والمحاكم التمييزيّة والمدنيّة، وبين الاحتمالات والاحتيالات على التحقيق، لإمرار الوقت والعودة إلى الاحتماء وراء الحصانات.

Email