«الجنسية الليبية» بين مطرقة الحكومة وسندان البرلمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش ليبيا على وقع حالة من الجدل الحاد حول منح الجنسية للمحرومين منها ممن يعيشون في البلاد، ويعتبرون أنفسهم سكّاناً أصليين. فقد دعا رئيس لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب سليمان الحراري، إلى تأجيل النظر في طلبات منح الجنسية حتى يتم اختيار حكومة منتخبة، وقال في بيان إن اللجنة تتابع باهتمام قرار الحكومة الأخير القاضي بالبدء في دراسة طلبات الحصول على الجنسية الليبية، وهو ما يعني استئناف اللجنة المركزية لدراسة طلبات الحصول على الجنسية.

وأوضح الحراري أن لجنة الداخلية تدرك أهمية هذا الملف، وأن هناك الكثير من حالات طلب الجنسية التي تأخر البت فيها بسبب توقف لجنة دراسة طلبات الجنسية عن العمل، مبيناً أن تلك الحالات هي: تسوية أوضاع العائدين من خارج البلاد الذين منحوا أرقام إدارية بشكل مؤقت، وأبناء الليبيات المتزوجات بأجانب، والزوجات الأجنبيات لليبيين، والأرامل الحاضنات والمطلقات الحاضنات وأبناء الليبيين المتجنسين الذين لم يتم إدراجهم بشهادة جنسية آبائهم، ومن كانت أصوله ليبية ولم يستطع إثبات انتمائه للأصل الليبي، فضلاً عن القرارات التي صدرت بمنح الجنسية والبت في مدى صحته.

وأضاف الحراري أن لجنة الشؤون الداخلية ترى بأن هذه القضية شائكة ومن غير المناسب تناولها في المرحلة الحالية، لافتاً إلى أن اللجنة تفضل أن يؤجل الأمر إلى الحكومة المنتخبة القادمة، حيث إن إثارة هذا الأمر الآن قد يكون له تأثير سلبي على الانتخابات القادمة، كما أن الحكومة القادمة سيكون لها وضع قانوني أقوى من الحكومة الحالية، وهو ما سينعكس إيجاباً على شرعية القرارات التي ستتخذها، خاصة في مسألة بأهمية منح الجنسية، بالإضافة إلى ذلك فقضية منح الجنسية الليبية تمس بالأمن القومي الليبي وخاصة في هذه الفترة، مشدداً على ضرورة حلحلة هذه القضية بالنظر لأبعادها الاجتماعية والقانونية والحقوقية مع ضرورة التمسك بالقوانين النافذة المتعلقة بمنح الجنسية الليبية والتزام الدولة الليبية بتعهداتها.

وجاء بيان مجلس النواب بعد أن كان رئيس مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة أصدر الأحد الماضي، قراراً بشأن تشكيل لجنة مركزية للجنسية وتقرير بعض الأحكام، فبموجب القرار رقم 322 لسنة 2021 تم تشكيل اللجنة المركزية لدراسة طلبات الحصول على الجنسية الليبية وإثبات صحة الانتماء للأصل الليبي.

ووصف، النائب طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان قرار الدبيبة بـ«الخطير للغاية»، معتبراً أنه يهدد الأمن القومي للبلاد من الناحية الديمغرافية، وأعلن أنه طلب من النائب العام فتح تحقيق مع رئيس الحكومة بشأن قرار تشكيل لجنة لمنح الجنسية الليبية.

وبالمقابل، يرى داعمو القرار الحكومي بأنه جاء لإنصاف عشرات الآلاف من الليبيين ممن يواجهون حالة من التهميش منذ عقود خلت، ويفتقدون مستندات الانتماء، وبالتالي يعجزون عن حقوق المواطنة كالترشح للمسؤوليات السياسية والتنظم الحزبي والانتخاب والسفر والتوظيف في مؤسسات الدولة والتمتع بالخدمات الأساسية والرعاية الاجتماعية والقروض والمنح المالية.

وفي هذا السياق، بحث الدبيبة، المشاكل التي تواجه الطوارق وسكان أوباري، جنوب غربي البلاد، ومنها مسألة الجنسية في المنطقة الجنوبية، وذلك خلال لقاء بمقر رئاسة الوزراء مع عدد من أعيان الطوارق، وشدد على ضرورة معالجة «ملف الجنسية الليبية في المنطقة الجنوبية، وفق معايير وأسس قانونية»، مضيفاً: «لن نسمح باستمرار هذا الملف بهذا الشكل مهما كانت الأسباب».

وندد رئيس المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبيا، مولاي اقديدي، بعدم الالتزام بالبندين الثاني والثامن لخريطة طريق الحل الشامل في ليبيا، اللذين ينصان على ضرورة معالجة أوضاع الطوارق في البلاد باعتبارهم مكوناً أصيلاً، له كافة الحقوق الدستورية التي كفلها القانون لليبيين، لافتاً إلى أن قرابة 17 ألف أسرة طارقية ستمنع من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم، حيث إن الحكومات المتعاقبة، لم تصرف لهم الرقم الوطني رغم حصرهم من قبل لجان حكومية منذ العهد السابق ووجود ملفاتهم لدى مصالح الأحوال المدنية، كما أن هؤلاء محرومون من كل الخدمات التي تستوجب وجود أوراق ثبوتية كالعلاج والسفر والحج والتعيين في المناصب الحكومية وليس التسجيل في السجل الانتخابي فحسب.

Email