لبنان.. ورحلة الألف ميل على طريق الإصلاحات والمفاوضات

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالتزامن مع زيارة السفير الفرنسي المكلّف تنسيق المساعدات الدوليّة للبنان بيار ‏دوكان إلى بيروت، لمعاينة الجهد الإصلاحي المبذول، برز إطلاق رئيس الحكومة نجيب ‏ميقاتي «رحلة الألف ميل» مع صندوق النقد الدولي بخطوة مراسلته القيّمين عليه، ‏معرباً عن تطلّع حكومته إلى الحصول على برنامج تمويلي، والشروع في محادثات تقنيّة مع ‏صندوق النقد حول السياسات والإصلاحات الهيكليّة المطلوبة لمواجهة الأزمة الماليّة ‏والاقتصادية التي تعصف بلبنان. وفي المقابل، ‏عكست أجواء الصندوق الدولي استعداده للشروع في المحادثات مع الجانب اللبناني، وسط ‏تشديد الناطقة باسمه على كوْن المناقشات ستتركّز على «الإصلاحات اللازمة»، باعتبارها ‏تشكّل الحجر الأساس في عمليّة إعادة الهيكلة ومعالجة الأزمة.

ومع بدْء الخطوات العمليّة لانطلاق جولات التفاوض بين لبنان ‏وصندوق النقد الدولي، تردّدت معلومات مفادها أنّ الحكومة ستعلن، قريباً، خطّة إصلاحيّة اقتصادية شاملة، تكون مدخلاً أساسيّاً ‏للتفاوض حول أيّ برنامج تمويلي يمكن أن يحصل عليه لبنان من صندوق النقد الدولي، وقد ‏تصل قيمتها في المرحلة الأولى إلى ما يقارب 2.1 مليار دولار على سنوات عدّة، على أن ‏يرتفع حجم هذا البرنامج إلى أكثر من 4 مليارات دولار بعد مفاوضات مطلوبة لإقناع ‏الصندوق بأنّ لبنان دخل مرحلة الإصلاح ويجب أن يستفيد من هذه الأموال.

على خطّ آخر، تحدثت معلومات أنّه بعد تكليفه إدارة ملفّ ترسيم الحدود، خلفاً لجون ‏دوروشيه، فإنّ المسؤول الأمريكي الجديد آموس هوكشتاين، الذي سبق وأدار الملفّ، وساهم ‏في التوصّل عبر جولات الموفدين الأمريكيّين المتعاقبين مع رئيس البرلمان نبيه بري إلى اتفاق ‏إطار انطلقت على أساسه المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، سيصل إلى لبنان في النصف الثاني ‏من الشهر الجاري، لإعادة الزخْم إلى هذه المفاوضات.

وبالعجلة الاقتصادية والمالية، سرّع لبنان الخطى نحو صندوق النقد الدولي، الذي راسله، خطيّاً، رئيس الحكومة، طالباً منه العون الماليّ، فيما أشارت مصادر وزاريّة لـ«البيان» إلى أنّ سيْر الأمور كما هي عليه تعني رجحان أن تنتهي هذه المفاوضات في نهاية العام الجاري.

وعلى توقيت تفعيل الصندوق، استكمل الموفد الفرنسي بيار دوكين لقاءاته في بيروت، للبحث في موضوع الإصلاحات، فيما يُنتظر هذا الأسبوع أن تتبلور أكثر فأكثر وجهة العمل الحكومي، ‏وتحديد الملفات الأكثر ضرورةً وإلحاحاً، والمسارات التي ستسلكها ‏المعالجات، لتلبّي ما يتوق إليه اللبنانيّون من خطوات علاجيّة سريعة ‏وملموسة، تعيد إليهم اطمئنانهم المفقود.

ويتواكب انطلاق العمل الحكومي بجرعات دوليّة متتالية ‏للحكومة، يتجلّى في الحركة الدبلوماسيّة اللافتة في اتجاه ‏السراي الحكومي، وتأكيد الدعم للحكومة وضرورة مسارعتها إلى ‏تطبيق الخطوات الإصلاحيّة المنتظرة منها. وإذا كان ما يطالب به اللبنانيّون الحكومة، لناحية التسريع بخطوات ‏الإنقاذ، مشروعاً ومبرّراً بالنظر إلى حجم الضغوطات الكابسة عليهم ‏في كلّ مفاصل حياتهم، إلّا أنّ الواقعيّة، على ما تؤكد مصادر سياسيّة لـ«البيان»، توجِب التعاطي مع الحكومة كفرصة جديّة ‏لإعادة وضع البلد على سكّة النهوض والإنتعاش. أمّا الثابت في الأجواء الحكوميّة، فهو أنّ فرصة الإنقاذ متاحة، والحكومة ‏صادقة في توجّهاتها، وعازمة على الإنجاز السريع، وهذا الأمر يحتاج ‏إلى عناية شديدة، خصوصاً أنّ الحكومة لا تملك عصا سحريّة حيال حجم ‏الخراب الكبير على كامل المستويات.

Email