تقارير « البيان»

انفجار مرفأ بيروت.. تعليق التحقيق حتى إشعار آخر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوقف المحقّق العدلي، القاضي طارق البيطار، التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، إثر تبلّغه طلب الرد المقدم ضده من الوزير السابق والنائب الحالي، نهاد المشنوق، أمام محكمة الاستئناف في بيروت، ما جمّد التحقيقات لحين البت بطلب الرد، الأمر الذي يحتاج شهراً. ووفق هذه التطوّرات فإنّ ملف التحقيق بات في مهب احتماليْن: استمرار البيطار في مهمته، أو كف يده وتعيين محقق بديل يتولى رفع راية القضاء البيضاء أمام «منظومة النيترات».

وسُجّل حدث حزين مفاده تحقيق السلطة السياسية نصراً على العدالة. وفي ضوء الحرب المعاكسة التي خاضتها المنظومة التي غطت عملية تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، ونامت على خطرها، حتى حصل الانفجار الكبير، تمكّنت السلطة السياسية، بأحزابها الهاربة من الحساب والقضاء، والتي ترفع شعار الحصانة للمرتكبين والمطلوبين لثالث أكبر تفجير في العالم، وهو عصْف مرفأ بيروت، من استخدام مفاهيم النصوص القانونية لعرقلة التحقيقات، واستخدام منطق الصلاحيات لعدم تنفيذ مذكرات التوقيف وتبليغ مُدّعى عليهم وإعطاء أذونات بملاحقة ضباط وأمنيين. وفي الجانب الآخر من الصورة ثمّة تجربة لافتة كان بطلها القاضي البيطار، الذي غامر رغم كل المحاذير الأمنيّة والألغاز المحيطة به، وعلى رغم معايشته لما تعرّض له سلفه القاضي، فادي صوّان.

أعاد التاريخ نفسه، وواجه القاضي البيطار ما واجهه سلفه فادي صوان، وإنْ كانت المعركة في وجهه تبدو أشدّ إصراراً على كف يده من طريق تقديم طلب رده الذي تسلّمته محكمة الاستئناف المدنية من وكيل النائب المشنوق، تبعاً لما يفرضه هذا النوع من الطلبات من أصول ألزمت القاضي البيطار بوقف تحقيقاته التي كانت جارية على نار حامية، وقطع خلالها مسافة واسعة باتت تمكّنه من إصدار القرار الاتهامي قبل نهاية العام، ويبدي فيه ما توصلت له تحقيقاته على صعيد ما توفّر لديه من معطيات على صعيد التفجير وأسباب اندلاع الحريق وإحالة المتهمين على المجلس العدلي.

ماذا بعد؟

وفي ضوء هذا التطوّر القضائي اللافت، الذي سبّب صدمة لأهالي الضحايا، وأعطى إشارة غير مشجّعة تجاه الخارج إلى عدم قدرة القضاء على التحرّر من الاعتبارات السياسيّة والضغوط، رجّحت مصادر قضائيّة لـ«البيان»، رد محكمة الاستئناف الطلب لعدم الاختصاص، بما يعني استئناف المحقّق العدلي تحقيقاته. ويلوح في الأفق صدام جديد بين المحقّق العدلي والسياسيين، وتأخير جديد في التقدم في اتجاه معرفة الحقيقة.

تبلغ البيطار قرار «كفّ يده»، فعليّاً، قبل هذا التاريخ، برسالة تهديد ممهورة بالأحرف الأولى لـ«حزب الله»، توعّدته بعزله وتنحيته عن متابعة ملف جريمة انفجار مرفأ بيروت، كونه تجرّأ على تجاوز «الخطوط الحمر» وتضييق الخناق على المنظومة الحاكمة وهزّ أسس أركانها، ما اضطرّ الحزب لتصدّر المشهد والتصدّي للمحقق العدلي والدفع باتجاه «نسْف» تحقيقاته واستدعاءاته، فيما البيطار عازم على المضي قُدماً في تحقيقاته «حتى الرمق الأخير».

Email