لبنان.. ملفات ساخنة تدشن أعمال الحكومة الجديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

انطلق البيان الوزاري لـ«حكومة معاً للإنقاذ»، وفق ما استقر الرأي على تسميتها، بمسار طبيعي لنيل ثقة مجلس النواب مطلع الأسبوع المقبل، فيما لم يُغفل البيان ملفاً من الملفات الساخنة إلا وتطرق له، وكأن رئيس الوزراء، نجيب ميقاتي وطاقمه استعرضوا الملفات الصعبة للتأكيد على الرغبة في الحل والقدرة عليه.

أحدثت الحكومة الوليدة الصدمة الإيجابية الأولى من خلال إنجاز صياغة مسودة البيان الوزاري بسرعة قياسية، بعد ثلاثة اجتماعات فقط للجنة الصياغة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة، ومن ثم تم طرح المسودة على مجلس الوزراء، ليتم إقرار البيان بصورته الرسمية النهائية قبل عرضه على مجلس النواب مطلع الأسبوع والتصويت على الثقة.

لا يختلف البيان الوزاري لحكومة العهد الرابعة كثيراً عن البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة، إلا أنه اخترق البنود الإنشائية في الجزء المتصل بالتعهدات التي تقطعها الحكومة على نفسها، بعد أن أوردت عدداً من الثوابت المتكررة في كل بيان، بما فيها ما يتصل بالالتزام بالقرارات الدولية وعمل المحكمة الخاصة بلبنان وغيرها، أما في البنود التي تلحظ تعهدات الحكومة.

فيبرز طغيان الهاجس المالي عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتشديد على الاتجاهات الإصلاحية الواردة في المبادرة الفرنسية، الأمر الذي يعكس هاجس الحكومة حيال الاستحقاق الأهم والأدق، وهو نيل ثقة المجتمع الدولي للحصول على دعم ومساعدات.

وفي الجانب الآخر من الصورة، يبدو لبنان كأنه محكوم عليه أن يركن على قارعة الانتظار، لما سيحمله له الزمن الحكومي الجديد، وأي آلية ستنتهجها حكومة ميقاتي في مقاربة مجموعة الملفات المعيشية والاجتماعية الضاغطة، التي تتسم مقاربتها بصفة الاستعجال ولا تحتمل مزيداً من المماطلة والتأخير وتضييع الوقت.

وفي ملفات الخارج يبقى التحدي الأكبر في إبقاء البرلمان الأوروبي قراره بخيار فرض «العقوبات» على الطاولة، كخيار أوروبي ما زال قائماً في مواجهة أي عرقلة محتملة للعملية السياسية، مؤكداً وجوب التزام القادة اللبنانيين بتعهداتهم، وعدم تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة لأي سبب. بدا واضحاً وصارماً تحميل الاتحاد الأوروبي، لحزب الله مسؤولية أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية، وانتقاله من التلويح بالعقوبات على من يعطلون تشكيل الحكومة، إلى أولئك الذين يعطلون عملها.

أولويات ملحة

وفي الانتظار، فإن العبرة ليست في نيل الحكومة ثقة مضمونة سلفاً من أكثريّة موصوفة في مجلس النواب، مقابل أقلية نيابية ستحجبها، بل هي في مقاربة أولويات ما بعد الثقة، إذ يفترض أن تطلق الحكومة عجلة العمل. وبمعزل عن مندرجات البيان الوزاري وبرنامج عمل الحكومة الذي لحظه، وسيل الوعود التي قطعتها الحكومة الجديدة.

فإن المزاج الشعبي العام سبق وأعد ما يبدو أنه بيان وزاري شعبي، تنال على أساسه ثقة الناس، ويتمحور حول مجموعة أولويات تتطلب مقاربة سريعة، تبدأ من إنهاء الحالة الحرجة التي يشهدها لبنان منذ فترة طويلة والمتمثلة بـالطوابير أمام محطات المحروقات، وتمر بإجراءات تحمي المستهلك من التجار، وكبح رفع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية لمستويات جنونية.

ولا تنتهي بخوض معركة الدواء وتوفيره للمواطنين، عبر فرض إجراءات على المستوردين والمخزنين والمحتكرين والمهربين. وتمثل هذه الأولويات عصب الحياة للبنانيين وتفرض نفسها في صدارة عمل الحكومة الجديدة، مع ما يعنيه الأمر من كون المزاج الشعبي العام سيحكم على الحكومة من خلال مقاربتها لهذه الأولويات، بصورة عاجلة، وبالشكل الصارم الذي تتولد عنه نتائج سريعة وملموسة. 

 

Email