أزمة «الغاز والكهرباء» تعيد حلقة التعاون مع دمشق

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد اجتماع وزراء الطاقة والنفط في دول الأردن ومصر وسوريا ولبنان، في عمّان في الثامن من سبتمبر الجاري، شرعت الحكومة السورية على وجه السرعة في إصلاح وترميم خطوط الغاز (الخط العربي)، من أجل البدء بتنفيذ هذا المشروع، على اعتبار أنه مصلحة سورية - لبنانية تصب في صالح الدولتين، خصوصاً سوريا، التي تأثرت كثيراً بالحرب، ونال التخريب من البنية التحتية على مدار عشر سنوات.

الاتفاق الرباعي على نقل الغاز والكهرباء إلى لبنان، عبر الأراضي السورية جاء بعد زيارة وفد لبناني رسمي إلى دمشق، في الثالث من الشهر ذاته، في ما يدل على عودة التنسيق بين البلدين، عبر المجلس السوري اللبناني الأعلى المسؤول عن تنسيق العلاقات بين البلدين، وهو المجلس الذي تعطلت أعماله منذ بداية الأحداث في العام 2011.

الإجراءات السورية حول إصلاح خطوط الغاز بدأت أسرع من المتوقع، كما أوضح وزير النفط والثروة المعدنية بسام طعمة ، مشيراً إلى أن خط الغاز العربي جاهز داخل سوريا لنقل الغاز المصري إلى لبنان، وأن سوريا ستحصل على كميات من الغاز مقابل مروره عبر أراضيها بموجب الاتفاقيات الموقعة.

وأكد طعمة أن خط الغاز العربي داخل الأراضي السورية جاهز لنقل الغاز، بعد أن أجريت عليه عمليات الصيانة باعتباره جزءاً من شبكة الغاز الداخلية، مبيناً أن عمليات إصلاحه تكلفت مليارات الليرات السورية. وفي إشارة أمريكية على الليونة تجاه دمشق، سمحت واشنطن للوفد اللبناني بالذهاب إلى دمشق، والعمل على مشاريع الغاز والكهرباء على الرغم من وجود قانون قيصر للعقوبات، الذي يمنع أي نوع من التعاون بين دمشق، وأية دولة أخرى ما عدا المساعدات الطبية والإنسانية.

فائدة كبيرة

المشروع سيحقق فائدة كبيرة لكل الدول التي تعمل وفق هذه الدائرة من القاهرة إلى بيروت، فضلاً عن أهمية التقارب السياسي، ففي لبنان الذي يرزح تحت هموم الطاقة والغاز والنفط والكهرباء، سيكون هناك انفراجة واسعة على المستويين الاقتصادي والسياسي. وبحسب الأرقام، فإن لبنان يحتاج إلى 600 مليون متر مكعب من الغاز لتوليد 450 ميغاوات من الكهرباء، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى مساعدة البنك الدولي، لتوفير تكاليف استيراد الغاز المصري، حسبما قال وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر، وهذا من شأنه أيضاً أن يوقف استغلال إيران للطاقة، ويحد من النفوذ الإيراني على الدولة اللبنانية، وبطبيعة الحال، فإن هذا من أهداف الولايات المتحدة ومصلحة لبنان.

في المقابل، ستكون سوريا أيضاً من المستفيدين بتشغيل هذا الخط، فهي أيضاً تعاني من نقص الطاقة بسبب الحرب الدائرة، وخروج معظم مناطق الغاز والنفط عن سيطرة الحكومة السورية في شمال شرق سوريا، التي تعتبر من أغنى مناطق النفط والغاز، فضلاً عن تكلفة نقل الغاز على الأراضي السورية، التي ستكون الدولة السورية من المستفيدين منه، ناهيك عن التعامل السياسي الدولي مع الحكومة السورية، ما يؤكد انفراجاً وشيكاً في المحيطين الدولي والإقليمي، وهذا أيضاً يقلل من حاجة إيران في سوريا ولبنان، التي تقوم بتقديم ناقلات النفط بين الحين والآخر إلى بيروت ودمشق.

ونتيجة هذا المشروع، ستجد مصر سوقاً للغاز في المنطقة، إلا أنه سوق عربي لدول في أمس الحاجة إلى هذه الطاقة، وفي الوقت ذاته يمكّن هذا المشروع الدول الإقليمية من تجاوز الأزمات الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية، خصوصاً الأردن ولبنان وسوريا.

Email