السودان.. الحكومة الانتقالية في مواجهة غول الفساد

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما حاول النظام المخلوع في السودان محاربة الفساد ارتدت إليه سهامه، باعتبار أن التعدي على الأموال العامة تمدد داخل أوصال منظومته الحاكمة ومنسوبيه، بل تحولت المعركة إلى حرب فيما بين أجنحة الحزب الحاكم المتناحرة، ليترك نظام الأخوان بلداً ينهشها الفساد من كل جانب، ما جعل الحكومة الانتقالية أمام تحدٍ قاسٍ في اجتثاث ورم الفساد الذي أهلك جسد الدولة.

في أبريل الماضي أجاز مجلس السيادة والوزراء الانتقاليين أول قانون خاص بمفوضية مكافحة الفساد بصلاحيات واسعة منها التحقيق في كل المعاملات الإدارية والمالية للدولة، ورفع الحصانة عن أي مسؤول حكومي مشتبه في تورطه في قضايا فساد، والاطلاع على الأرصدة البنكية وغيرها من مهام، كما نص القانون على تشكيل نيابة متخصصة في دعاوى الفساد التي ترفعها لها المفوضية.

وفتحت وزارة العدل السودانية باب الترشيحات على مصراعيه لتقديم الترشيحات لرئيس وأعضاء مفوضية مكافحة الفساد واسترداد الأموال العام، ووضعت شروطاً ومعايير للمتقدمين أبرزها الحياد والنزاهة والكفاءة والمؤهلات والاستقلالية المهنية، بجانب التخصص والمعرفة بقضايا الفساد، وأكدت أن خطوتها تأتي في إطار تعزيز الشفافية في الاختيار لمهام المفوضية.

إرادة سياسية

ويشير الخبير الأمني والقانوني اللواء د. الطيب عبد الجليل لـ«البيان» إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية للحد ومنع الفساد، باعتبار أن هناك محاولات كثيرة تمت من أجل محاربة الفساد.

ولفت إلى أن مكافحة الفساد بشقيه الإداري والمالي تتطلب سن قوانين فاعلة، وإلغاء القوانين المصممة، تعزز للفساد مثل قانون الشراء والتعاقد السوداني على حد قوله، باعتبار أن تلك القوانين غير منضبطة، وواسعة السلطات والصلاحيات لأجهزة الدولة المعنية، لا سيما تلك القوانين المتعلقة بالعطاءات الحكومية، وعدم أهلية واختصاص من يقومون بتلك العطاءات، مشدداً على ضرورة مراعاة معايير وأسس محاربة الفساد بالاستعانة بالتجارب الدولية في ذلك.

وأكدت منظمة الشفافية السودانية أن إعلان الحكومة عن تقديم ترشيحات لرئيس وأعضاء مفوضية مكافحة الفساد بعيداً عن المحاصصات خطوة إلى الأمام.

وحذرت المنظمة عن أملها بأن يتم فيها الوفاء بكافة المعايير المطلوبة لتقوم بمهامها على الوجه الأكمل، أشارت المنظمة في صفحتها على «الفيسبوك» إلى أهمية المفوضية باعتبارها من متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى أن كل الآليات القائمة الآن لمكافحة الفساد سواء كانت لجنة أو نيابة لن تقوم مقامها ولن تؤدي مهامها.

وقالت المنظمة: إن من مهام المفوضية تأطير مكافحة الفساد بتدابير محكمة، وكسب ثقة واحترام المواطن والمجتمع الدولي، من دول وممولين ومستثمرين ودائنين ومانحين، بجانب ضبط آليات مكافحة الفساد، وتنفيذ وترسيخ سياسات فعالة لمكافحة الفساد، وتجسيد مبادئ سيادة حكم القانون، وحسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية، والنزاهة والشفافية، والمساءلة والمحاسبة دون تمييز، والتعاون مع المجتمع الدولي في شأن مكافحة الفساد، وتقييم وتقويم أداء آليات مكافحة الفساد القائمة، ومراجعة النصوص القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة بغية تقرير مدى كفايتها لمنع الفساد ومكافحته.

Email