لبنان.. المواجهة مع «قانون قيصر» من بوابة دمشق

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت المستقطع على الجبهة الحكومية في لبنان، والذي عُلِّق على طرْح للرئيس المكلف نجيب ميقاتي لتشكيلة حكومية من 14 وزيراً، خطفت دمشق الأضواء غداة استضافتها رسمياً أول وفد لبناني حكومي منذ 10 سنوات، وما أعقب ذلك من عودة الحديث عن أن سوريا وريد لبنان وشريانه الحيوي للغاز اليوم، كما للكهرباء غداً، وفي تصدير البضائع عبر الممرات الإلزامية.

مرّت 10 سنوات من دون أن يفتح لبنان الباب، إذْ ظلّت الزيارات على مستويات شخصية تارة، ولا تعبر إلا عن نفسها تارة أخرى، إلى أن قرّرت حكومة تصريف الأعمال، نقل الاستغاثة إلى دمشق بتكليف حكومي رسمي، وبتأشيرة عبور أمريكية. 

بعد مضي أسبوعيْن على تصريحات السفيرة الأمريكية لدى لبنان، دورثي شيا، عن فكرة استيراد الغاز من مصر، فالأردن إلى لبنان عبر سوريا، وكأنّها أعطت الضوء الأخضر، للبحث في الأمر مع السوريين، قصد فريق وزاري لبناني، برئاسة وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر، العاصمة السوريّة، حيث كان الاقتراح الأمريكي باستيراد الغاز المصري مروراً بالأراضي الأردنية، ثم السورية، على طاولة البحث مع الجانب السوري. 

وفي محصلة المحادثات اللبنانية- السورية، اتفق الطرفان على استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، ومتابعة الجوانب الفنية، من خلال فريق عمل مشترك. وكشفت مصادر مطلعة لـ«البيان»، عن أن دمشق لم تضع أي شروط، وأن النقاشات تناولت صلب الأنابيب وما يُسمّى «خطّ الغاز العربي»، إذ أكّد السوريون أنه لا وجود لمشاكل تقنية حول القنوات والممرات، فيما بعض خطوط الكهرباء خاضع لمناطق كانت تحت سيطرة المسلّحين، ما يستلزم إعادة كشف وتأهيل ونزع ألغام. 

مضامين سياسيّة

وفي الانتظار، وفيما طغى الطابع الاقتصادي على الزيارة، بما يؤمّن الكهرباء والغاز للبنان، وباتت الأمور بعهدة الفرق التقنية من الجانبين لإتمام المهمة، لم تغب السياسة بل كانت حاضرة وبقوة إلى حد عودة عبارة «انتصار التاريخ والجغرافيا» إلى الواجهة مجدّداً. 

وفي القراءات السياسية، فإن ثمّة إجماعاً على عنوان واحد، مفاده أن قانون قيصر الأمريكي كُسِر بقرار من صانعيه الأمريكيين، وعلى استشراف مرحلة المحاصيل المنتجة، التي سترتد إيجاباً على لبنان، مع غمز بعض المواقف السياسيّة من قناة واشنطن التي اشتمّت روائح المازوت الإيراني عن بُعد سفينة لا تزال في عرض البحر، فيما بقي سؤال معلّق حتى إشعار آخر: هل تجر الزيارة زيارات أخرى على مستويات عليا؟
كسر جمود

وكسرت الزيارة العابرة للحدود السياسية حاجز الجفاء الرسمي في علاقة البلدين وأعادت وصل ما انقطع، وعبّدت طريق الانفتاح على سوريا، «رئة لبنان»، ومن المنتظر أن تشكّل الأيام المقبلة محطة مفصلية لجلاء غموض المسار الحكومي، كما نتائج زيارة دمشق التي يرى البعض أنها تحتاج لمزيد من التوضيحات، لا سيما أنها محاصرة بقضايا ملتبسة لجهة الجانب التفاوضي المتعلّق باستيراد الغاز والكهرباء، أو لجهة الأخذ في الاعتبار الموقف الأمريكي المتعلّق بالعقوبات المرتبطة بـ«قانون قيصر»، مع ما يعنيه الأمر من حتمية دخول رسوم المرور إلى سوريا، في إطار تمويل قضايا إنسانية كي لا تقع تحت العقوبات المرتبطة بالقانون، فضلاً عن أن لبنان لا يقف على أرض ثابتة في ظل حكومة تصريف أعمال.

Email