شعار «إنهاء الانقسام».. هل أصبح تغريداً خارج سرب المصالح؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة بين حركتي فتح وحماس كالحفرة، كلما نهل منها الطرفان بحثاً ونقاشاً وحوارات ومبادرات، بدت أكثر عمقاً، وأبعد من أن تطولها يد الشعب المتعطشة لجمع شتيتين، جزم البعض كل الجزم أن لا تلاقي بينهما في الأفق.

المشهد الفلسطيني في جناحي الوطن، يزداد قتامة يوماً بعد يوم، وبات المراقب يشعر بالقلق كلما تحدث أحد عن قرب إنهاء الإنقسام، فالأمر ليس بالشعارات أو «الدعوات الصالحات» وليس نوايا طيبة يُظهرها طرف ما، بل المطلوب إتمام المصالحة دون «لكن» أو «بعد أن..».

المشهد مغاير

قبل عشرة أعوام، استلهمت ثلة من الشباب الفلسطيني، الفكرة من الأجواء العربية التي كانت عاصفة آنذاك بالشعار الصارخ «الشعب يريد..» فانطلقوا بمبادرة شعارها «الشعب يريد إنهاء الإنقسام» وصدحت الحناجر بهذا الشعار النقي، ووجد في سماء رام الله وغزة متسعاً له ومحاولات لاحتوائه، لكن في رمشة عين أصبح المشهد مغايراً، فتعاملت القوى المتصارعة باتهامات بدت كأنها جاهزة ومسبقة، لأن شعار إنهاء الإنقسام ظهر وكأنه تغريد خارج سرب الأهواء وحسابات المصالح!.

الإنقسام

ومنذ العام 2007 الذي شهد الإنقسام الفلسطيني، ظهرت عدة مبادرات لإنهائه، وكانت تشنف آذان الفلسطينيين لسماع رد أي طرف لمبادرة الطرف الآخر، لكن سرعان ما كانت ترتبك التصريحات وتتناقض المواقف، وتطفو الإستدراكات من الطرفين «مستعدون لإنهاء الإنقسام ولكن.. أو بعد أن» لتعود لغة التشكيك والتصعيد والتراشق تتسيّد الموقف، بينما يحاول كل طرف ركوب موجة حركة الشارع، وهو في الحقيقة ضد أي تحرك لرأب الصدع الفلسطيني.

 

ويرى المراقب لمواقف الفصائل الفلسطينية حيال ملف الإنقسام، بأنها كانت ولا زالت هزيلة، ولم ترق إلى حجم المأساة الفلسطينية، ودورها لم يتجاوز الدعوات والمناشدات، بل إنها كانت تتصرف وكأنها أحزاب في دول أخرى، رغم أن لديها من التأييد الشعبي ما يُمكّنها من تشكيل ضغط حقيقي لإجبار الطرف المُعطّل لإنهاء الإنقسام، على الإنصياع للإرادة الشعبية.

المحلل السياسي هاني المصري، يرى أن الحل المتوازن لهذه المعضلة، هو ما ينطلق من توازن المبادئ والمصالح والقوى، ويتيح المشاركة للجميع، ولا يُقصي أحداً، مبيناً أن من أدوات هذا الحل، بلورة جبهة وطنية ديمقراطية، تشكل تياراً ثالثاً، يكسر حدة الإستقطاب الثنائي، ويحدث التوازن في النظام الفلسطيني، كخطوة على طريق تشكيل جبهة وطنية عريضة، تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والإجتماعي، التي تؤمن بالمشاركة السياسية.

ويبدو بين الحركتين الكبيرتين (فتح وحماس) سدّ منيع، صنعه حدّاد ماهر، وبانتظار من يتمكن من إزالته، أو في أضعف الإيمان إحداث ثغرة فيه أو إيجاد منفذ، يتطلع الشارع الفلسطيني كي يتصدر المشهد، ولتبق الحركتان تتصارعان، وتناكف إحداهما الأخرى.

Email