أعراس فلسطين.. تعدّدت «الكيفية» والفرح واحد

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«من غَمزة في العرس وانجن الولد».. قال الشاعر الفلسطيني الراحل مريد البرغوثي، في قصيدة تصبّب فيها قميص البطل عرقاً، من الرقص في عرس شعبي فلسطيني.. هكذا هم الفلسطينيون وهذه طقوسهم، يتكئون بها على دائرة الفصول، ويراكمون ذاكرتهم مع مكانهم وفيه، هكذا يسخُنون طرباً، حتى يُطفأوا تعباً، هكذا هم عاديّون.

الحنّاء، الزّفة، الدبكة، حمّام العريس، سهرة العروس، المناسف، معالم العرس الفلسطيني.. وطقوس ترافق دخول العرسان عُشّ الزوجية، لحظات تجلٍّ، مع الغناء الشعبي، والحدّاء دائماً «يا حلالي يا مالي».. العريس على الحصان مكللاً بالأوراق النقدية، ومكبرات الصوت على الجرّار في الزفة، ودنانير للعروس من الصديقات والمهنئات.

في أعراس فلسطين، ترى شباب العُمر وشباب القلب.. «العتاقي» في «السحجة» يلوّحون بالحطّة والعِقال، ولسان حالهم يقول: «وسّعوا الحوطة.. والحوطة لينا».

عُشّ الزوجية «القفص الذهبي».. مسمّيات لختام مشوار العزوبية، نحو الشراكة الأبدية، وطقوس التعبير عن «فرحة العمر» تختلف من جيل إلى آخر، من منطقة إلى أخرى.. ففي فلسطين هناك تموّجات لألوان متقاربة ما بين الشمال والجنوب والوسط في تقاليد الزواج، خصوصاً في الدبكة والأهازيج، قد تختلف الكيفية هنا وهناك، لكن المضمون يبقى واحداً.

في سهرة العرس، صبّاب القهوة والخرّوب لا يهدأ، العريس ووالده وإخوانه على الأكتاف، يحملون الحناء المزيّن بالورود، وفرق الدبكة الشعبية تواصل عروضها الفنية، والكل يُعبّر عن فرحته بالعريس.

في يوم العرس، تقام الولائم فتحضر «القِدرة» هنا، و«المنسف» باللحم البلدي هناك، أما زفة العريس فعلى الفرس، وظهور الخيل.. و«كل مُهرة ولها خيّال».. هكذا هي أعراس فلسطين، تمتزج فيها الفرحة، بالحفاظ على التقاليد الموروثة.

ويعكس العرس الفلسطيني بشكله التراثي، الثقافـة المحلية الخاصة لأهل هـذه المدينة أو تلك، وفي بعضها يحافظ على طبيعته منذ القدم، على الرغـم من بعض التحولات الشكلية الطفيفة، فهو في جوهره ومكوناته الرئيسية لا يزال يحمل نفس المعاني والوظائف والطقوس، وحتى نفس الكلمات والعبارات.

ووفقاً للباحث الدكتور مصلح كناعنة، فإن العرس الفلسطيني في مراحله وطقوسه، هو أقرب ما يكـون إلى مهرجان شعبي للتراث الفلسطيني، وهناك من هم متشددون في الحفاظ على خصوصية أعراسهم، بحيث يُعدّ أي خروج عـن النظام المتّبع للعرس، خروجاً على الأعراف والتقاليد، لدرجة قد يُعرّض أهل العرس إلى انتقادات شديدة، ومن هنا فإن الالتزام بطقوس العرس المتوارثة، هو شرط لحصول أهل العرس على الحضور والمشاركة المنشودين.

للعرس الفلسطيني، بما فيه من أهازيج وطقوس، رونقاً خاصاً، فهو يجسّد روح الجماعية ويعزز شبكة العلاقات الاجتماعية، القائمة على التعاون والتكاتف العائلي، ولذلك فإن المكانـة الاجتماعية للعريس وعائلته، تنعكس على العرس، من حيث نوع الطقوس، وحجم المشاركة.

Email