لم يكن رئيس مجلس شورى حركة النهضة الإخوانية عبد الكريم الهاروني يعتقد للحظة واحدة أن آخر أجل حدده لحكومة هشام المشيشي من أجل تسليم تعويضات مالية لمن سماهم ضحايا الدكتاتورية وهي 25 يوليو، سيكون موعداً للإطاحة بحكم «النهضة»، ولإعلان قرارات حاسمة من قبل الرئيس قيس سعيّد بهدف تصحيح المسار السياسي في البلاد المحاصرة بالأزمات منذ أن وصل «الإخوان» إلى سدة الحكم فيها قبل عشر سنوات.

عندما خرج التونسيون للتظاهر الأحد الماضي، كانت هتافاتهم تصب في دائرة اتهام «النهضة» والحلفاء بنهب مقدرات البلاد والدفع بالدولة إلى الإفلاس إلى حد العجز عن مواجهة الوضع الصحي الكارثي الذي عرفته مؤخراً، ولجوء الرئيس التونسي إلى طلب مساعدات عاجلة من الدول الشقيقة والصديقة لإنقاذ أبناء شعبه.

فساد «النهضة»

في 7 يونيو الماضي، قرر رئيس الحكومة المتحالف مع «الإخوان» هشام مشيشي إقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عماد بوخريص الذي جرى تكليفه بالمهمة من قبل الرئيس سعيّد، وهو ما أثار غضب مؤسسة الرئاسة وانتقادات واسعة في الشارع التونسي، حيث اعتبرت إقالة بوخريص محاولة لمنع الرئيس من متابعة الملفات الخطيرة المتعلقة بالفساد وتضارب المصالح، وقد أكد سعيد ذلك عندما استقبل بوخريص مساء نفس اليوم، وخاطبه بالقول «كان متوقعاً إعفاءك من مهامك لأنك قدمت ملفات وجملة من الإثباتات». وأضاف «يرفعون شعار مقاومة الفساد ثم يتصدون لمن يقاوم الفساد».

نصوص ولصوص

وفي مايو الماضي، قال سعيد لوسائل إعلام فرنسية إن «تونس تملك كل الثروات ولكن للأسف كلما زادت النصوص زاد اللصوص.. ومع ذلك يتبجحون بالإصلاح، نسمع عن الإصلاح منذ سنوات، لماذا لم يتحقق الإصلاح؟» مؤكداً على أن «لكل مواطن من شمال البلاد إلى جنوبها حقاً في بلاده وفي الكرامة وفي الحرية..لا يمكن أن نضع حداً للفساد المستشري كأسراب الجراد إلا إذا كان هناك قضاء عادل».

ورجح الأستاذ في علم التاريخ المعاصر والمحلل السياسي، عبد اللطيف الحناشي، أن يكون ملف محاربة الفساد «العنوان الأبرز على أجندة سعيد، بعد إعلانه تجميد عمل مجلس نواب الشعب»، متوقعاً أن يشهد ملف مكافحة الفساد زخماً كبيراً>

أزمة

يرى متابعون للشأن التونسي أن الإخوان يواجهون موقفاً صعباً، ولاسيما أنهم يدركون أن الرئيس قيس سعيّد يمتلك الكثير من الملفات القادرة على توريطهم أمام الشعب في ملفات فساد، ليسقط عنهم آخر ورقة توت كانوا يحاولون التستر بها، وهي ورقة القيم الدينية والأخلاقية التي لا تستطيع الصمود أمام فتح ملفات الفساد المتعلقة بقياداتهم.