سد النهضة.. هل من سبيل للتعاون المشترك؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت إثيوبيا السودان ومصر أمام الأمر الواقع بإعلانها انتهاء مرحلة الملء الثاني لسد النهضة قبل التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول قواعد الملء والتشغيل للسد، ما يؤشر إلى أن إثيوبيا ماضية في إكمال كل مراحل الملء حتى ولم يتم الاتفاق، استناداً إلى إعلان المبادئ الموقع في 2015، الذي منحها حق الاستمرار في عملية التشييد بالتوازي مع المفاوضات. 

وبما أن أمر سد النهضة بات واقعاً ماثلاً على مجرى النيل الأزرق، فإن ذلك يحتم وفق مراقبين على الدول الثلاث سرعة التوصل إلى اتفاق يبدد مخاوف دولتي المصب السودان ومصر، ويجعل من الملف فرصة أمام أثيوبيا لخلق تعاون مشترك يضاعف فوائدها التنموية من المشروع من خلال إقامة مشروعات مشتركة تتجاوز مكاسب التوليد الكهرومائي، إذ يرى خبراء إمكانية قيام مشروعات غير مستهلكة للمياه مثل تطوير واستغلال الثروة السمكية والملاحة وغيرها من المشاريع التي تساهم في تعزيز التعاون والتقارب بين الدول الثلاث بما يخلق تكاملاً اقتصادياً يضع حداً للخلاف حول المورد المائي المشترك. 

تقديم نموذج

وتراقب دول حوض النيل مفاوضات سد النهضة برغبة أكيدة في متابعة ما سوف تفضي إليه، ومدى نجاحها في الخروج من دائرة التفاوض المعقدة وتقديم نموذج لكل دول الحوض في كيفية التعامل الإيجابي مع النزاع وتحويله من ُمهدد إلى فرصة للتعاون وتحقيق الرؤية المشتركة، وتطبيق مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول الذي نادت به كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية، بدءاً بقواعد هلسنكي عام 1966، ثم اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية عام 1997، والاتفاقية الإطارية التعاونية لدول حوض النيل التي بدأ توقيعها عام 2010 ولم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن لعدم اكتمال النصاب، وأخيراً الاتفاقية الإطارية لإعلان المبادئ لسد النهضة.   

  التوافق

وذلك إن نجاح الدول الثلاث في التوافق الإيجابي المبني على تقاسم المنافع بدلاً عن تقاسم المياه، والذي من شأنه أن يمنح باقي دول حوض النيل دفعة كبرى لتسير على نفس النهج لتنمية مواردها المائية وترقية التجربة لتعم كل دول الحوض.

ورغم الاجراءات الأحادية التي اتخذتها أثيوبيا فيما يتعلق بمرحلتي الملء الأولى والثانية، إلا أن السودان لا يزال يأمل في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يتماشى مع القانون الدولي، إذ أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال مخاطبته الشعب السوداني بمناسبة عيد الأضحى أن ملف سد النهضة يظل في مقدمة أولويات الحكومة الانتقالية، وانه ورغم إعلان الحكومة الإثيوبية عن اكتمال عملية الملء الثاني في مواصلة للتصرف في هذا الملف بشكل أحادي وللمرة الثانية إلا أن السودان يظل متمسكاً بالوصول إلى اتفاق قانوني وملزم حول سد النهضة الأثيوبي، وأضاف حمدوك «إلا أننا نواصل الدعوة للامتناع عن الإجراءات المنفردة مع ضرورة التوصل لاتفاق قانوني وملزم يتماشى مع القانون الدولي وسوف لن نألو جهداً في تحقيق هذا الهدف الذي يحفظ مصالحنا القومية في السودان».

Email